ما مصير غزة، ما مصير الإسلام؟














       لا يشك أحد اليوم في خيانة العرب للقضية الفلسطينية، وحرص شعوب أخرى قد تكون في أوربا الغربية على حياة الغزاويين أكثر من أهل الخليج أو "سِتات" مصر، ويجدر الذكر هنا أن للمشايخ "المتأسلمين" الذين يعصبون أعينهم عن الواقع وقول الحق، مسؤولية المشاركة في ذبح الأطفال والنساء في أرض فلسطين الجريحة، بحجج لا تمت للضمير الحي بصِلة، والدين منها براء، مادام في عُرفه نجدة المظلوم وتحرير الرقاب..

        أسابيع ولازالت سماء غزة تمطر موتا يلتهم الأبرياء دون رحمة.. والصمت يقفل عقول الرجال في أروقة الحكم العربية، وجماجم الخائنين تصدح بالعمالة دون حياء، إنها مرحلة الذلة أينما ثقفوا، فأمريكا التي تضرب "داعش" بحجة حماية الأقلية اليزيدية والمسيحية في الموصل، لم تُلقِ بالاً للرّضع الموؤودين تحت ركام المباني المنهمر عليهم، بل لم تصغ لصراخ المسلمين المعذبين في بورما وإفريقيا الوسطى، ولم تقل كلمة واحدة في حق انتهاكات المسيحيين لعرضهم وحياتهم.. فعن أي ديمقراطية يتحدثون؟؟
لن أكرر الأغنية القديمة عن جُبن العرب وسفالتهم وحُبهم لأرداف النساء أكثر من القدس.. فقط شيء واحد يُذكر: الحمد لله على نعمة حضور أبي عبيدة وصحبه في أنفاق غزة الملتهبة بالرعب القسامي.. صاروخ جعبري واحد يكفي لسد أفواه الحيوانات الناطقة في فضائيات الرجس المصري، أما غير المقاومة فلا بديل للأبطال في أرض العزة.. مادام الحصار متواصلا فلا ريب في هشاشة أي اتفاق يُبرم مع العدو برعاية مصرية قذرة.
مصير غزة الانتصار بشتى هُويّاته، لأن اليهود لن يقدروا على أمر إلا بحبل من أمريكا، وهذه الـ"أمريكا" الداعمة لتل أبيب بالسلاح والمال والتغطية السياسية الإعلامية، لن تدخر جهدا في قمع أي رغبة في الحرية لدى الفلسطينيين، لأن واشنطن باختصار هي عاصمة الصهاينة العالمية.. وامتداد للتكتل المعادي للإسلام ولأي نهضة قد ترفع من شأن المسلمين وحضارتهم.. عموما بعيدا عن هذا التنظير المعمق، حتى لو فنت غزة الموجودة بتلك البقعة من الشام، فستظهر للعيان غزوات أخرى تبدأ بدحر الخونة في السعودية ومصر والخليج، لتصل إلى أقزام اليهود من حفدة القردة والخنازير.
يتساءل البعض عن أي انتصار نتحدث والقتلى ـ الذين هم شهداء عند الله ـ في تزايد يومي، نعم انتصار.. وللانتصار عدة أوجه ، إذ لا يكون فقط بجرد قهر العدو عسكريا والاحتفال برفع الأعلام وتأسيس الكيان ـ وهو ما فشل فيه الربيع العربي الذي كان يمثل بذرة انتصار "ما" ـ ، هناك أبعد من هذا، انتصار الفكرة والهوية، فكرة المقاومة وضرورة رفض العدو ولفظه مع فضلات المطبّعين له، ومنه يولد التمسك بهوية الإسلام النابض بالعزة وعدم الإذعان لإملاءات الخارج..
عندما يكون الانتصار بهذا البُعد والزخم الروحي، لن يقدر أحد على افتكاكه من أصحابه، لا بالمفاوضات ولا بالاتفاقيات المفبركة، ولا بنزع السلاح والتطبيع والعمالة.. هنا الانتصار سيغدو تراكمات وتحصيل ناتج قومي ديني يشعّ بالوعي، والإيمان بحرية لا تتحقق إلا بعرق المقاومة ودماء التضحية.

تعليقات

الأكثر قراءة