التمسخير في الحكومة: هردة!

التغييرات الحكومية المفاجئة وخلق وزارات ووأدها بين موسم وآخر، كله أمارات تخبّط وغياب أدنى استراتيجية لتسيير هذا البلد.. فالحكم الراشد يتطلب بناء مؤسسات ذات أهداف وآليات واضحة للعمل في الميدان دون الارتباط بأشخاص أو أحزاب، وإنما وفق مشاريع تُنجَز وتُراقب وتُأتي أكلها كل حين..

الجزائريون لم يعودوا مهتمين بالأسماء التي تملأ قوائم الحكومات المتعاقبة، لأنهم يدركون لدرجة القرف أن جميع من سيجلس على كرسي الوزارة لم يأت إليه إلا بعد اتصالات هاتفية وحسابات مصلحية لا تعترف بالمواطنة والحرص على تطوير البلاد.
أما تلك الملايير التي تُصرف هباءً لإنشاء وزارات "سخيفة" سرعان ما تأتي المراسيم ببطلانها وإدراجها ضمن وزارات أخرى لن نتكلم عنها، بل سنتحسر على تلك السنوات الإضافية التي سنقضيها في التخلف والضياع عن سير الحضارة وما وصلت إليه دول قريبة إلينا من رقي ومدَنيّة ناصعة.. إن المنشغلين بالمناصب والبرتوكولات أهدروا كثيرا من آمال الشعب في الوصول إلى وطن يحفظ ماء الوجه إذا ما نطقنا أمام الغرب أو الشرق.
والغريب في حكومات الجزائر أن الداخل إليها ليس كالخارج.. فأرصدته بعد أشهر من إحمائه للكرسي تنتفخ بالأورو والدولار ولا أحد سيسأله حينما يغادر الوزارة في تعديلات حكومية أعتقد أنها ضوء أخر لهؤلاء حتى يأخذوا ما نهبوه باتجاه أوربا ليعيشوا أجمل أيامهم بعيدا عن مواطنين لم يعرفوا من نعيم الحياة إلا طوابير "الحليب" و"البنزين"!
كان الأجدر بالسيد الرئيس أن يعتمد في تعييناته الحكومية على "حاشية" ذات مصداقية تقدم له الأجود من الرجال لتسيير الوزارات وفق استراتيجات متكاملة بين مؤسسات الدولة، فلا نجد خلطا بين وزارتي السكن والفلاحة، ولا تراشقا بالأعذار بين وزارة البيئة والصناعة.. بل نرى تجسيدا واقعيا لدولة لم تقم إلا لأجل المواطن وما يكفل له حياة "آدمية" بعيدة عن الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية..
ولكن الحديث عن "رئيس" بالأساس محل شك وارتياب.. ففي الوقت الذي ينعق فيه "الشياتون" واللصوص بحياة "بوتفليقة"، يعاني الرجل من المرض دون النظر إليه كإنسان عادي يعتّل ويفنى، فالمقدّسون له ما كانوا ليفعلوا لولا تلك الملايير التي تتهاطل عليهم آناء الليل وأطراف النهار في غياب الرادع.
الحكومة هي اليد التي ينجز بها الرئيس برامجه التي وعد المنتخبين بها.. وفشلها لا يعني إلا ضرورة المراجعة والبحث عن البديل، ومادام حال الرئيس يشي بسوء طال وامتد ليصبح "خللا" مؤسساتيا، وجب علينا تكريم "بوتفليقة" بإعفائه من الرئاسة والتعجيل بانتخابات تأتي بوجوه جديدة لا وجوه "أويحي" أو "بلخادم" أو "السعيد بوتفليقة"، كما أن هذا التجديد لا يعني "عشوائية" الاختيار والتغيير لأجل التغيير فقط، بل الحرص على ظهور رجال يصدقون الشعب ما عاهدوه، ويجعلون نهضة الوطن نصب أعينهم لا ملء جيوبهم.

بقلم / معمر عيساني.

اقرأ أيضا:

لا بترول ولا غاز صخري ولا ستّين نِيلة

عندما نتجاوز المعارضة و الـDRS وبوتفليقة

لنتحدث قليلا عن المسؤولية.

في مستشفيات الجزائر.. الإنسان حيوان!

الشعب في خدمة الشرطة

في الجزائر: لاعب كرة القدم أهم من الأستاذ

تعليقات

الأكثر قراءة