التأخر والمؤخرة، وحديث عن المقدمة..

          وصلنا إلى تدرّج "قذر" في علاقتنا بالمرأة، فبعد أن كنا نتعامل معها كزوجة وابنة وأم وأخت.. أصبحنا نراها زميلة عمل، ثم زدنا على ذلك سوء ظن، وبعدها أسقطنا بعض الكُلفة لنصل منها كلاما ودردشات، وخاتمة الأمر نسخ احتشام في الملبس والسلوك و"همهمات"، وتحولنا بعدها إلى نظرة "جسدية" للمرأة، لنجد أنفسنا الآن، نختزل وجودها في "مؤخرتها" البارزة.. وهو ما تريده هي في ذاتها من خلال كل تلك المراسيم "التبرجية" التي تجعلها قمة في التأخّر الأخلاقي..

سِمة عصرنا اليوم كـ"عرب" التأخر والتخلف.. وما زاد الطين عفنا، اهتمام الأمة بمؤخرات النساء وخلفياتهن.. فلا حرج في حملة إعلامية لتقديس رشاقة مطربة أو ممثلة، أهمّ ما في جسدها مؤخرتها البارزة، ومن نافلة "التحضّر" في نظر أولئك القوم الشهوانيين، أن يجعلوا مقياس الجمال لديهم، بروز العورات وتجسيدها، أمّا ما دون ذلك فهو ضرب من ضروب اللاعصرنة!
انتشر بشدة اهتمام الفتيات بعرض مؤخراتهن بالأخص، دون أجزاء أخرى من أجسادهن، فيما يلبسن من ملابس ضيقة، تركز نقطة "اللاعودة" فيها على ما ندندن عليه منذ الصباح، ألا وهو "الدبر" ـ كلفظ محترم ـ، سياسة تتبعها حتى من تُحسَب على المتحجبات الملتزمات من البنات، فنجد محلات الملابس النسائية، تعجّ بأنواع من الحجاب الذي لا يمت بصلة إلى الستر والعفاف إلا باسمه "المفبرك"، فتجده مفصّلا ليرسم جسد المرأة، مُركزا على مؤخرتها بشكل يزيد في حجمها، حتى ولو لم تكن بذلك الحجم..
المؤسف في الأمر إقبال النساء على شراء مثل هذه الألبسة بشكل جماعي، ما يجعلنا نتساءل: هل هن يعلمن ما يجلب هذا الوباء من فتنة؟؟ أم أنهن مؤمنات غافلات لا يعلمن شيئا؟؟ الاختيار الأخير هو اختيار أهل السفاهة والعَبَط، إذا ما قالوا أن اللواتي يشترين هذه الملابس الضيقة لا يعلمن أنها مثيرة للغرائز، أما الواعون بالقضية، فهم يدركون جيدا مكر النسوة وقصدهن الفتنة من وراء ما يقتنين من ألبسة تُسمى "حجابا" بهتانا وزورا.. ويكفي الكعب العالي لتكتمل صورة الوقاحة والتعري، إذ أنه بالإضافة إلى ضيق الملبس، يزيد في إظهار "ورع" المتبرجة بما تحمل من أعجاز..
كانوا يقولون فيما يأتون من أساطير، أن الحضارة الرومانية سقطت عندما بدأت النسوة يعتلين الرجال في المعاشرة الجنسية، عكس ما هو متعارف عليه.. أما اليوم، فأقول: أن العرب لن يروا نور الحضارة مطلقا مادامت عقولهم أسفل مؤخرات نسائهم، وذلك أخطر من كونها بين أرجلهم ـ أقصد العقول ـ، فطريق المقدمة، لن نبدأه أبدا من "المؤخرة"...
بقلم / معمر عيساني.