قبل أن تفكر في الزواج!


ليس كل "مذكر" مؤهل للزواج.. وليس بالضرورة كل "أنثى" صالحة لأن تكون زوجة..! ولكن كثيرا منهم يفكر في أن يبدأ حياة زوجية.. وأكبر سببين لذلك: الجنس، والذرية.. أما بقية المتعلقات به فهي ثانوية..  والأمرين الأولين قد يرهنان الزواج برمته على كف نزوة أو شبهة، ما يحيلنا إلى احتمالية فشل ذريع في المشروع..

قبل التفكير في الزواج لابد من إتيان سوابق لازمة له.. أهمها القدرة المالية على فتح بيت زوجية.. فالمسؤولية تنبثق عن اقتران الرجل بالمرأة منذ بداية العلاقة بينهما.. ما يعني مصاريف متتابعة لا تنتهي.. هنا عزف الشباب عن الزواج لانعدام الدخل، والافتقار للمال طول زمن.. أما البنات فقد تولين وجهة أخرى عفا الله عنهن.. وإن كن فيها فليس للرجال براءة مما يجنين.
المال محك حقيقي للتفكير في الزواج بالنسبة للرجل.. لأنه المستهدف الطبيعي في نكبات الفاقة ومستلزمات الحياة اليومية.. قد يتجاوز البعض هذه العقبة، فيبني زواجه على امرأة غنية تريحه من كل ما يخشاه دهره وعاقبته.. هنا نؤكد تضاءل نسب نجاح هذا الزواج.. حتى وإن بدا منه بوادر عِشرة طيبة فهي مهانة للزوج واستسلام منه للسلطة النسوية في بيته..
يمكننا الوصول إلى منطقة وسطى تجعل كلى الطرفين مساهما في ميزانية البيت، فعند توفر الوظيفة لكليهما، تزيد فرص الاستقرار الاقتصادي إلى حد بعيد.. وحتى لا ندخل في رؤية "وَردية" لهذا الزواج نذكر محاذير قد تقع دون رغبة منهما..
الوظيفة للمرأة تعني تنازلا غير علني من الزوج عن مكانته "الرجولية" في حياة المرأة.. فخروج هذه الأخيرة يعني بالضرورة علاقات "زمالة" حتمية مع المحيط الذي تعمل فيه.. ونحن ندرك طبعا أن المرأة بكينونتها الضعيفة لن تجد حرجا في الإعجاب ـ على الأقل ـ بنظير زوجها في البيت، أو بديل قد يتمم نقائص في من أرسلها عاملة تخفف عنه مصاريفا وتزيد في "نواقص" أخرى.. ولنوضح القصد من الكلام، نقول أن الزوج الراضي بعمل زوجته يحوم حول حمى "الديوثة" ويوشك أن يقع فيها بين حين وآخر..
وحتى لا نعمم بأسلوب "لا أريكم إلا ما أرى" نلمِّح إلى نماذج أخرى في الزواج الناجح اقتصاديا عند عمل الزوجين معا، وهو طبيعة وظيفة المرأة وسيرتها، والحالة التي تسود مكان العمل، فعند التأكد من تجنب الاتصال المباشر مع زملاء المهنة، واحتشام الزوجة، ورُشد من تفرضه الوظيفة عليها في سيرورة العمل، نجعل لأنفسنا هامشا من الثقة والارتياح وإن كان مؤقتا..
شيء آخر.. وهو الحالة المادية الجيدة للزوج، كأن يكون صاحب أعمال حرة، أو مرتكزا على ثروة عائلته بشكل مقبول.. كل هذا سيريح الزوج وحتى الزوجة من ضنك المعيشة وثقل مصاريفها بدءا من أول يوم في الزواج وإلى أيام الحمل والولادة وتنشئة الأبناء وتعليمهم والإنفاق عليهم..
كل هذا لحد الآن لا يمثل في الحقيقة إلا جزء يسيرا مما يُفترض تحضيره قبل الزواج.. لأن الرجل المقبل على الارتباط بامرأة، لابد أن يكون "رجلا" بحق.. وهنا نحيل أنفسنا إلى التفكير في صفات الرجولة الحقيقية ولكن بعيدا عن التنظير وزاد التراث في شأن هذا الموضوع.
على الرجل التدرج في تحمل الصعاب، وامتلاك شخصية قوية تستطيع أن تدير الحياة الزوجية دون تردد أو انحياز للظروف العابرة، أو العاطفة المبنية على رغبات تافهة، فنحن نرى حالات كثيرة تدهشنا حقا.. أزواج كبار عظام تتحكم نساءهم فيهم، بل إن بعضهم يتلقى الصفعات يوميا على وجهه وهو مسرور مقتنع بواقعه؟؟
الرجولة لن تكون عنفا ودكتاتورية في التسلط على المرأة ولكن قيادة حكيمة للزواج.. ما يزيد في المودة والمحبة، الرجولة تفترض أيضا عواطف ظاهرة في العلاقة مع المرأة حتى تتشبع حقا مما تريده من زوجها، وهذا يضمن اكتفاءً ذاتيا لديها حتى لا تفكر في رجل غيره..
الرجولة تعني فطنة لدى الزوج بما يدور في بيته، وحياة زوجته، البعض لا يعلم عن زوجته إلا الأكل والجماع وزيارة الأقارب.. فهل هذا هو الزواج؟؟ طبعا لا لأنه مشروع وجود، وهدف خلود..
في الأخير نضيف ملاحظة بسيطة، وهي أننا نوجه كلامنا هنا للرجال فقط، لأنهم هم المؤهلون للفشل في الزواج الآن، أما المرأة فقد أصبحت ذكية حقا مُتحرية في شأن من يأتي للزواج بها نظرا لانغماسها في المجتمع ووصول جميع أوصاف وأصناف الرجال إليها من خلال دراستها في الجامعة وتجوالها المتكرر، والتجارب المحكية هنا هناك بين النسوة، فمن المؤكد أن ما يحكيه الرجال من نصائح وتجارب في الزواج لا يمثل إلا الشيء الضئيل مما تحيكه النساء لأنهن بالأصل أهل الثرثرة والفضفضة والتفشي الأسرار..
أمر آخر، التركيز على الحالة المادية لا يعني الاستقرار المؤكد، فالحالة الأسرية للزوج تأثر سلبا أو إيجابا على مستقبل الزواج بشكل كبير، أما الرجولة فلن تفيد شيئا مهما بلغت من صفات الكمال إن كانت الزوجة المقصودة أصلا غير قابلة للعشرة والتوافق مع أبجديات حياتها الجديدة.. وهذا ما سنتحدث عنه في المقال القادم إن شاء الله..
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. سفيان2/5/13

    ليست كل النساء العاملات ياأخي لهن علاقات زمالة ولكن قد يكون هناك كلام في إطار العمل لاأكثر وصدقني المرأة المحترمة يهابها كل الرجال ولاأحد يقترب منها .
    وبخصوص هذا المقال عموما أنصح إخوتي وأخواتي أن يقرأو كتاب قضايا المرأة للشيخ محمد الغزالي رحمه الله.

    ردحذف
    الردود
    1. هو حقا كتاب مهم..
      أما بخصوص العمل بالنسبة للمرأة..
      فالحديث فضفاض في هذا الشأن..
      وله جوانب عدة..
      سنتحدث عنها لاحقا

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة