المسلمون الجدد!


قميص أبيض، ونظارة سوداء، وسجادة مزركشة.. يمشي ويتضاحك مع عشيقته عبر الجوال.. ويواعدها اللقاء بعد برنامج "عمار الأرض" للداعية مصطفى حسني.. ويودعها بقبلة مائعة يدعو الله بها أن يتقبل صلاتها..
هؤلاء هم المصلون في جمعاتنا اليوم.. تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ، كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ، يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ..
لسنا أئمة نهدي الناس ونطبع على جباههم النفاق والإيمان.. لكننا نرى العجب العجاب.. ما يضحك وما يستفز الألباب؟؟ صارت الصلاة تقليدا مظهريا لا جوهريا، يتفاخر فيها عدد من الفتية بملبسهم وسياراتهم وجماعاتهم، وبريق أحاديثهم..
المشكلة غير مفهومة، وإن فهمت فهي أعظم.. يُسمّى "حجابا" ويكشف أكثر مما يستر.. يفتن بتفصيلاته، أكثر من فتنة النساء العاريات؟ هن فتيات، يحفظن الأدعية والأذكار، ويحملن في حقائبهن المصاحف، وفي نفس الحقائب يحملن أدوات التجميل وحبوب منع الحمل، وفي هواتفهن تسجيلات قرآنية، وفيديوهات إباحية، أرقام مكاتب الإفتاء، وأرقام العشاق وصالات الغناء؟؟
يترك لحيته كثة، وعلى مكتبه قرآن صفحاته رثة.. وأعلى الجدار لوحة بخط عربي مبين، وآية تلعن المرتشين.. يهتم لحال المسلمين، ويقبل لتحويل الملفات أوراقا نقدية من فئة الخمسين..
في الناس إمام، خطيب يحسن الكلام، يتقي فتن الحرام، يأتي في ناديه منكرا، الناس جوعى ويحدثهم عن إكرام الصحون!
لا أدري أي حال هم عليه؟؟ يصطفون في الصف الأول، ويعتدلون في وقفتهم، وكل منهم يُمَـنّي نفسه: ليلة حمراء في ملهى المدينة، صفقة رابحة لاستيراد أغذية منتهية الصلاحية، فاتورة مشروع سكني مضاعفةِ الأرقام.. مكيدة مُحكمة للقضاء على ابن العم..
"الله أكبر".. يصلي الناس وقلوبهم شتى.. تـُرى من منهم قبـِل الله صلاته وأودعه الجنة؟.. "السلام عليكم" وينتشرون في الأرض يبتغون فضلا من الرحمن وأوزارا من الشيطان.. تـُحدثهم عن فلسطين.. بلاد المسلمين، تعطيل حدود الله، انحلال الأخلاق، التربية الدينية في المجتمع، ونهضة الأمة.. سيجتهدون في ترصيع الكلام، ويبالغون في النقد، ويتضرعون لله وأعينهم تزيغ يمنة ويسرة.. يبتغون ـ طبعا ـ فضلا من الله..
يعرفون جيدا قصص الأنبياء والصالحين، مُتون الأحاديث والمواعظ، ويتداولون شروح الآيات، وآراء العلماء.. رحمة الله على "اقرأ" و"الرسالة" وسائر الفضائيات الدينية.. والباقيات الصالحات خير وأبقى على الإنترنت.. ولا بأس بنظرة أو نظرتين على "mbc2" و"روتانا" و"التِت" وبقية الشلة..
بقلم / معمر عيساني