الإسلام لا يرفض التعري!

            كثير ممن لا حظَّ له في الشهرة يتخذ مسبّة الإسلام وانتقاده منصة لرفع رأسه بين النخب، وأكثر ما ينعق به هؤلاء أن الإسلام ضد حرية المرأة ويعاملها كجسد حيواني ويربط على حياتها ألف عقدة وعقدة، فيتحكم في لباسها وعلاقاتها وينغّص عليها يومياتها، ولكن كل هذه الافتراءات كاذبة، فالإسلام ذاته لا يرفض تبرج المرأة بل وحتى تعرّيها!

لا مشكلة في تبرج المرأة وإظهار كل مفاتنها إذا أمنت عدم تضرر رجل من رؤيتها، فالقرآن واضح في الآية 31 من سورة النور: "أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ" بمعنى أن لا عورة للمرأة ـ والعورة في الاصطلاح الإسلامي ما يجب إخفاؤه عن الأعين خشية الفتنة ـ على الطفل الذي لم يحتلم ولا فهم له بأمور الجنس، وكذلك الرجل الذي لا يهتم بجسد المرأة ولا تملكه شهوة اتجاه النساء، بمعنى "المخنث".
أما في بيتها فعورتها ما بين السرة والركبة مع أبيها وإخوتها، فلا حرج في أن تقابلهم مكشوفة الأثداء على رأي الفقهاء إذ هم من محارمها، ويتجلى هنا مدى انفتاح الإسلام عكس الشائعات التي تدعي انغلاقه في هذا الجانب ـ وأقصد به التعري ـ. وهو نفس الحكم فيما بين النساء، فالأثداء تُكشَف دون إشكال في الجلسات النسوية ولو على قهوة وشاي.
العلّة في ضرورة "ستر" المرأة لأعضائها الفاتنة من مؤخرة وصدر وقوام وحتى وجه، هو درء الفتن وعدم إثارة شهوات الرجال وانتهاك عفتهم، فترى الرجل في أحسن أحواله فإذا ما مرت عليه امرأة متبرجة اهتاج واغتلم وامتلأ رأسه بصور الجنس والمعاشرة الحميمية، وهذا ما يرفضه الإسلام.
فالحجاب لا تعريف ولا شكل نهائي له بالنظر إلى هذه الفكرة التي نحن بصدد اعتمادها، فقد يكون ضيقا ولا يفتن إذا كانت ذات المرأة التي تلبسه بارزة الأسنان معتوهة يسيل لعابها من فمها، وقد يكون فضفاضا وفاتنا إذا رافقته حركات مائعة ووجه حسن مميز.. فالعبرة فيه أساسا اجتناب فتنة الآخرين، وهنا نفهم أن القواعد التي شرعها الله تعالى في لباس المرأة إنما جعلت لسبب إن زال فقد زال معه الحكم.
قد يتعجب القارئ من الأمثلة السابقة في إباحة ظهور أثداء المرأة رفقة أبيها وإخوتها والأطفال غير المحتلمين والرجال المخنثين.. ولكنها أحكام فقهية مقيّدة، فأطفال اليوم مع إبحارهم في شبكات النت واكتشافهم للعلاقة الحميمية باكرا يعجّل في نضوجهم ولو معنويا دون احتلام، وزنا المحارم المنتشر بشدة يضع ضوابط أخرى في مقابلة المرأة لأبيها وإخوتها شبه عارية.. لنصل في النهاية إلى أن جسد المرأة ليس بمشكلة في ذاته بل في علاقته بالآخر، ونقصد بـ"الآخر" هنا الرجل وعفته، فإن لم يكن رجلا بمعنى الكلمة فلا داعي للخوف منه وإكثار الهدر في أحكام الحجاب وغيرها، فهو وهي سواء.
بقلم / معمر عيساني.


اقرأ أيضا:

الدعارة في بلاد المسلمين..!

العشق الممنوع في المقابر!

سؤال "للسلفية": هل تجوز سياقة حافلة مختلطة؟؟

ماذا تعرف عن التحرش الجنسي في الحرم المكي؟

الإيمان والشيطان والنساء في وهران

 

تعليقات

الأكثر قراءة