الأرض المحروقة

50 درجة مئوية وربما أكثر، هذا ما سُجّل خلال موجة الحر المتواصلة لحد الآن في ولاية الشلف.. كان من المفروض أن تعلن حالة الطوارئ وتعتبر المنطقة منكوبة، وتُتّخذ جميع الإجراءات اللازمة لتفادي حالات الإغماء أو حتى الوفاة.. ولكن لم نرصد أي حركة من المسؤولين ولم نشاهد أي مبادرات لإشعار أبناء الشلف بأنهم ليسوا وحدهم في جهنم!

ارتفاع درجات الحرارة أمر طبيعي لا نقنط فيه من رحمة الله.. لكننا لابد ألا نتجاهل إهمال الجهات الوصية بحماية المواطنين من تداعيات "القحط"، فالولاية معروفة في الأصل بصيفها الحار جدا، ورغم هذا لم يجتهد المسؤولون المحليون خاصة في مدينة الشلف وضواحيها والشطية وأولاد فارس ووادي سلي وبوقادر... ـ باعتبار هذه المناطق أشد ارتفاعا للحرارة ـ ولم يبرمجوا أي مشروع لتهيئة الأجواء بل بالعكس عاثوا فسادا وأحرقوا الأرض من بعد إصلاحها.
ففي حي "بن سونة" لم ترحم أيادي عمال البلدية الأشجار التي كانت تزيّن حوافّ الطريق وقطعوها بدم بارد وتركوا شوارع "لاسيتي" عارية من أي ظل! لماذا؟؟ لا نعلم! فنحن لا نملك للأسف عقولا تفكر وتصنع استراتيجيات.. هنا يحق لنا أن نتساءل عن البديل الذي لم نره لحد الآن رغم مضي سنوات على تلك المجزرة في حق الطبيعة، ما يغيضني مآل المداخيل التي وصلت أدراج مكاتب المسؤولين حين بيع خشب تلك الأشجار المقطوعة!!
الحرارة وصلت 53 درجة مئوية!!
المساحات الخضراء في الشلف تكاد تكون منعدمة، فلا يجد السائر في عاصمة الولاية إلا حديقتين صغيرتين بهما الإسمنت أكثر من النباتات وقد ملأها الشواذ و"المرندفين"، ناهيك عن الشطية التي أصبحت بفضل النهب والاختلاسات أسوء من صحراء "رقان"، زد على ذلك استبدال الأرصفة بـ"القودرون" لتجعل الشوارع مقلاة بزيت ساخن!
كان من اللائق أن تخرج شاحنات المياه من البلديات لرش الطرق والتخفيف من فيح الحر، ولكننا لم نر تلك الشاحنات إلا لتزيين الأرصفة والطرق ترقّبا لزيارة الوزير الأول "سلال"، وكأن لا همّ للشلفيين إلا الديكور المزيف.
نقص التيار الكهربائي والانقطاعات المستمرة، وجرأة بعض الناقلين على ركن حافلاتهم وترك المواطنين دون نقل في عز الظهيرة، و"التفياس" الاحترافي لعمال الإدارة وتكاسلهم في أداء المهام رغم المكيفات التي لا تكاد تنطفئ، وتزامن هذه الفترة مع شهر الصيام كلها ظروف زادت في جهاد الشلفي من أجل البقاء!
لسنا متذمرين من قضاء الله عز وجل، فقط نريد أن نرى تلك الأموال الباهضة التي خصصت للتهيئة العمرانية ماثلة أمامنا في حدائق غَنّاء تساهم في تلطيف الجو وإمتاع أبناء الولاية وزائريها، نريد أن نرى في كل زاوية شاحنة للمياه تنظف الطريق وتبعث فيه الانتعاش، نريد أن تُوَفَّر لنا حياة أكثر رفاهية مادامت الحكومة تصبّ الملايير في خزائن الولاية.

بقلم / معمر عيساني


اقرأ أيضا:

تحية لكم يا أبناء الشلف.. فأنتم لستم مجرد أطفال!

لماذا يُذلّ الموظف المواطنين في الإدارة؟

اسرقوا في الليل لندافع عنكم في النهار

أولاد عيسى وأولاد محمد

جلسة عمل مع رئيس بلدية متخلف!


تعليقات

الأكثر قراءة