لماذا يُذلّ الموظف المواطنين في الإدارة؟

          لطالما استفز الأعوان الإداريون والموظفون الموكلون بتسوية المصالح العامة أعصاب المواطنين وأوصلوهم إلى درجات المذلة والمهانة.. لا لشيء.. إلا لأن هذا الموظف يجلس على مكتبه بسلطة القانون وتمثيلا للدولة.. وذلك المواطن هو تابع وملك لتلك الدولة.. فعِرضه وماله وكل مبادئه مستباحة ولا حرج في ذلك.. وإن أبدى امتعاضه أو حتى معارضته قولا فهو الشاذ والنشاز والمطأطئون الأذلة هم الأصل والوطنيون..!

يتحجج الموظف بكثرة المعاملات والملفات والضغط الذي يشكله الوافدون إليه لتصريف معاملاتهم.. فتتولد لديه ردة فعل تظهر في تكبره على المواطنين وعبوسه في وجوههم.. وهمهماته المبهمة مع حركاته بكرسيه ذي العجلات الدوارة.. وهو في كل هذا يستفيد من مكيف ومكتب يحمل من الرفاهية ما يُنسيه المشاق التي يتحملها الآلاف المؤلفة في الشبكة الاجتماعية لجمع القمامة وكنس الشوارع في ظروف أدنى حتى من الحيوانية..
أقول لحبيبنا الموظف "قوم ولاّ طلّق".. المئات من حاملي الشهادة الجامعية يحلمون بمنصب مثل الذي تتربع عليه ببؤسك ومقتك.. أقول إن كنت لا تحتمل ظروف العمل.. يوجد من يقبل بمهمتك ولو كان بها أضعاف ما تلقاه من ضغط.. المهم لدى أولئك المحرومون من عمل أن يحصلوا على وظيفة يسدون بها رمق جوعهم ويصنعون بها شيئا من مستقبلهم الضائع في بلد المليون ونصف المليون شهيد..
أذكّر هذا الموظف اللامبجل بربطة عنقه النتنة وبدلته السافرة.. أن ما تتقاضاه من أجرة نهاية كل شهر لن تكون حِلاّ لك إلا إذا أديت عملك على أكمل وجه وبرضا من تتعامل معه.. أقول له أن أجرتك الشهرية هي مجموع الضرائب التي يدفعها قطعان الشعب في بلدك الغافي بين يدي أهل الهوى والمصالح.. أقول له.. أنك لا تساوي شيئا لولا انحناءة المحتاجين عند مكتبك لِما طال بهم العهد بحُكم الإقطاعية والاستعباد.
الطوابير الطويلة.. ووقفة الشرطي عند ذؤابة المكتب المكوية بآهات المعوزين والمذبذبين بين ملفات البيروقراطية.. وجلسة الموظف المستكين للاقوميته المتعالية على بني شعبه.. بكرسي ومكتب باهظ الثمن.. واقتصار الاستقبال في محفل المذلة الإدارية على يوم أو يومين في الأسبوع.. ولزبانية المكاتب ألف ردّ وردّ.. تأجيل وسراب وعد.. ولديهم مزيد.. هذا كله جزء من واقع المواطن المستوطن!
بقلم / معمر عيساني.

تعليقات

الأكثر قراءة