لن يزوّر "الكهنة" الانتخابات المقبلة!

تخيل نفسك جالسا في غرفتك تتثاءب في أتمّ لحظات الكسل والخمول، وفي الشارع يجري العشرات كالكلاب لينالوا فرصة خدمتك وترقية معيشتك! هذه هي الانتخابات المحلية المقبلة في الجزائر.
بدءا بعمليات التصفية وبيع وشراء الذمم تَخلُق الأمة الجزائرية العظيمة أسطورة الانتخابات! لتقدم للمواطنين "المدجّنين" قوائم المترشحين حسب مقاس "الشكارة" و"الدفتر العائلي" وما في الهاتف من أرقام مهمة. ولا يُراعى في ذلك أدنى قيمة سياسية أخلاقية، فما أدراك باستراتيجية للخروج بالقطيع من مسلخ "الأورو"!
الجزائر في الوقت بدل الضائع من بحبوحتها المالية، وسيجد كهنة "الشيتة" أنفسهم عراة من الأكاذيب التي اعتادوا تسويقها لآكلي "الخبز" وشاربي "الحليب"، فـ"الموس" لحق للعظم. سيفر الكهنة إلى "حبشة" أوربية وينكح الفقر من أسكرته مواعظهم.
هؤلاء السكارى هم الشعب الذي انقسم بين منشغل بما حازه من "لونساج" و"ليزافيرات" من جهة، ومرهون براتبه الشهري من جهة أخرى.. قد جمعتهم الانتخابات حينما حمل البوق كهنة المعبد ليجمعوا قرابينهم ويرمونها في مجالس "شهادة الزور" الولائية.
للأسف.. وبعد كل تلك الآمال، تجد النخبة تزاحم العامة لنيل ترشح لانتخابات لن تغير شيئا مادامت الذهنيات جامدة أنانية غير منتجة وهرم السلطة عاقر رغم الـ40 مليون جزائري! لم يعِ الشعب بعد أن العبرة في المبادرة للعمل ولو بجمع أعقاب السجائر في الطريق المجاور لبيته..
لم يعِ الشعب بعد أن الإنتاج في ترقية التعليم و"أخلقة" منتسبي "الصحة" وتفعيل الفلاحة والسياحة وتنزيه العدالة، ونشر الحس الجماهيري لمراقبة الإدارات والمؤسسات والأسواق وكل ما يمت بصلة ليومياتنا، وليس في أخذ المزيد من المناصب لتأسيس دكتاتوريات صغيرة تئد البلديات والدوائر وترهن تنميتها في يد عصبة من الجهلة المراهقين سياسيا غير الناضجين ولا القادرين على فهم المسؤولية أصلا.
للذين يراهنون على التغيير عبر الانتخابات والحصول على المناصب.. سنلتقي بعد انقضاء العهدات لنقف على "الهردات" ككل عهدة مضت في هذه الأرض الموبوءة بالجشع.
التغيير لن يكون إلا من قاعدة واعية، وتوليفة جديدة من مسيري عمق هذه الدولة.. فلا معنى لمسؤولين يتداولون على ذات المنصب في تمثيلية مملة ضيعت البلاد والعباد، ورئيس مغيب جعلنا نحِنّ لأيام الخطابات الرنّانة التي نستأنس بها ونقول: "لدينا رئيس"!.
لن يزوّر الكهنة الانتخابات المقبلة لأن كل المترشحين سيخدمون دينهم! فلا أحد من هؤلاء سيصرف الملايين في حملته لأجل سواد عيون المواطنين.. بل لسواد الحبر الذي سيوقع به صفقاته المنتظرة.

عذرا لمن شُبّه له التعميم، فنكران وجود الرجال في هذا الوطن خذلان للشهداء ونفي لسنة الله في خلقه، تلك السنة القاضية بالتغيير ولو بعد حين.. ولكن أنى يكون ذلك أيها القارئ؟
بقلم: معمر عيساني.

تعليقات

الأكثر قراءة