النقل.. حاشاكم

التاسعة ليلا في محطة "تازقايت".. العاشرة صباحا في محطة "5 جويلية" في "الفيرم" لا فرق بائن  في الوقتين.. فأن تجد الأولى فارغة على عروشها لا تضفر إلا بالقطط والكلاب المشردة أمر طبيعي ما دامت الثانية في عز النهار تجعل الولدان شيبا في زحمة الانتظار.. نحن نتحدث عن "الشلف" أهم ولايات الوسط الجزائري.. ورغم هذا لازال قطاع النقل فيها "يتحرّك" بمبدأ "الحمار والجزرة"..

 أصبح من المعروف بالضرورة من يوميات الشلفي أن يبرمج مواعيده بنصف ساعة إضافي أو أكثر مادام مرتبطا بوسائل النقل العمومي.. وضمن خطوط بعينها لابد له أن يبكر حتى يتجنب الزحمة والانتظار لاحقا وألا يؤجل عودته للبيت مساءً مادام صاحب السمو سائق الحافلة سيركنها قبل مغيب الشمس بوقت "فاضح".. وعليه سنجد مدينة الشلف تغلق أبوابها باكرا في الوقت الذي تفتح فيه جميع مدن الجزائر "المحترمة" شوارعها للسكان في سهرات تمتد لما بعد منتصف الليل!
"الروسوفار" و"الشوفار" ينظران إلى الراكب على أنه مجرد "20دج" أو أقل.. فليس بغريب إذن أن يجعلانك قيد الإقامة الجبرية في الحافلة وتنتظر لأكثر من ساعة حتى تمتلئ وتنطلق بك مهانا ضائع الوقت والتركيز.. وما يسوء حالة النتانة التي نجد عليها كثيرا من حافلاتنا دون تنظيف أو صيانة، وكأنها عربة لنقل المواشي وليس "البشر".
مديرية النقل غائبة تماما واستقالت من مهامها التي كان من المفروض أن تأديها "بلا مزيتها" في مراقبة نشاط خطوط النقل وانضباط الناقلين بالمعايير اللازم توفيرها للركاب ضمن متّسع من الزمن لا يجبر المواطنين على الدخول إلى منازلهم باكرا وكأنه حضر للتجوال! كما يجب تجسيد مبدأ العمل بتخصيص زمن مكوث كل حافلة في المحطة وألا يتجاوز الـ20 دقيقة طوال اليوم، فحتى لو خرج الناقل بربع الركاب فسيجد الكثيرين عبر الطريق ليحملهم ويحقق "أرباحه" ويتجنب الاكتظاظ وحشر الركاب كالسردين. وبالنسبة للخطوط التي تعاني نقصا كبيرا في الركاب يمكن لناقليها أن يغيروا الخط أو يتركوا عملهم لمن هو أحق وأجدر بالخدمة الجيدة..
مشكل النقل حتى لا نكون مجحفين ليس مقتصرا على ولايتنا، ولكن يمكننا أن نبدأ تجربة نموذجية في تحسين سير المواصلات ورفع الغبن عن المواطن البسيط، وقد تبدأ هذه التجربة باقتصار التوظيف في مديرية النقل "المسؤول الأول عن القضية" على أولئك الذين لا يملكون سيارات، فمثلما يقولون: "ما يحس بالجمرة غير الي كواته".. بهذا سنكون قدوة لسائر الولايات في الوطن، إذا ما كُلّل الإنجاز بترقية النقل الحضري و"اللاحضري" وتوفير النظافة والالتزام بعدد الركاب المسموح به، والاعتدال في مدة زمن التوقف في المحطات واستمرار العمل حتى الليل.

بقلم / معمر عيساني 

تعليقات

الأكثر قراءة