هل أخطأ بلغيث ؟

 
لم ينتظر سجن الحراش طويلا ليتلقف الدكتور "محمد الأمين بلغيث" بين جدرانه، فالعدالة ترفض المساس بما أوجبه الدستور، وسكاي نيوز أفاضت كأسا ملأها الحراك بالأمس ولم يستصغها قوم آخرون.


حديث بلغيث عن الأمازيغية كصناعة فرنسية في اصطلاحه كررته كثير من النخب المعربة، بل الدكتور ذاته صرح به عبر القنوات التلفزيونية الجزائرية زمن الحراك وما بعده، ولم ينتفض التلفزيون الرسمي ليعتبرها ضربا للوحدة الوطنية، فما الجديد الآن؟

بالمقابل نجد أبواقا أخرى تهاجم الإسلام، وتستهزىء باللغة العربية، وتمارس "وصاية ما" لأنها رديف احتلال الماضي ونفوذ الحاضر، فترفض انتماءنا المعلن في بيان الأول نوفمبر عبر منابر إعلامية داخلية وخارجية، ولم تتحرك العدالة بعد لمحاسبتهم، ولم تستعر "فرفارة" التلفزيون الرسمي، فلماذا الكيل بمكيالين؟!

الدولة الآن تفرض فلسفتها في إدارة الشعب، من خلال حزمات أوامر متتالية في مجال الاقتصاد ومكافحة المخدرات، والتعامل مع أي ملف يوضع على طاولات الوزارات، كما أن الرئيس "عبد المجيد تبون" بحديثه عن التعبئة الشاملة، يزيد من صلاحيات الأجهزة الأمنية في ضبط الجبهة الداخلية وجاهزيتها لتحقيق الولاء والاتحاد حين الخطر المحدق بالوطن.

ولو نظرنا لمكائد المغرب والإمارات واستفزازات دول الساحل، والمفرنسين والمتصهينين سنوقن بضرورة التعامل بعقلية "البوليس" لغلق الأبواب أمام الفتن التي ستهدد استقرار الجزائريين.

والحديث عن الأمازيغية بلغة عدوانية يحرك صفيحا ساخنا لا تريده الدولة أن يتحرك، بل ستعمل على تهدئة الأوضاع، واستباق البلبلة قبل حدوثها، وهذا ما وقع مع بلغيث.

هذا الرجل لم يخطىء أكاديميا، فلوجهة نظره ما يثبتها فيما وصل إليه من بحوث (بغض النظر عن قناعاتي الشخصية)، وله الحق في أن يفتح أي ملف، لأن الجامعة الجزائرية خولته ذلك، وأقرانه هم الأجدر بمجادلته والرد عليه.

ولكن دكتورنا أخطأ قانونيا إذ كان عليه تذكر ما نص عليه الدستور بخصوص الأمازيغية، وأخطأ لأنه كان عبر أثير دولة لقيطة في سياساتها، وأخطأ ظرفيا فالبلد في غنى عن الحديث حول الأجداد، في وقت نخشى فيه على مستقبل الأحفاد.

أما قرار العدالة بخصوص بلغيث، وإن كان مؤسسا، فأنا أتمنى عفوا من سيادة الرئيس في حق رجل لا تثريب عليه، بعدما ساهم في بناء هذا الوطن بعلمه وحكمته، وهو ليس أقل وطنية ممن تغاضت عنهم السلطة رغم تجاوزاتهم على حرمة اللغة والدين والتاريخ.

#معمر_عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة