تونس بين المؤسّساتية و "الرُجلة"

 

        عطّل الرئيس التونسي "قيس سعيد" عمل البرلمان وأقال الحكومة ليجعل الحكم في يده، ما فتح الباب على مصراعيه أمام سيناريوهات كثيرة لبلد دشّن الربيع العربي لكنه لم يجن ثماره لحد الساعة!

"قيس" رئيس شرعي أعطاه التونسيون الشرعية يوم انتخبوه وهو الرجل البسيط البعيد عن معترك السياسة المُلِمّ بالقانون كونه أستاذا فيه، وبرأيي كان هذا القائد ضرورة في مسار التحول، وصمام أمان بعد نفاد حكم "الباجي قائد السبسي" العجوز الهرم الذي مثل خيبة أمل لكل من انتظر بزوغ فجر النهضة في ذلك البلد.

"قيس" وأمام أزمة اقتصادية وصحية وسياسية داخلية من جهة، وتكالب القوى الإقليمية من جهة أخرى لأخذ موطئ قدم لها في بلد يمثل همزة وصل هامة بين ليبيا الخارجة من الحرب، والجزائر غير المستقرة منذ  تغيير الحكم، وجد الرئيس نفسه في انقياد نحو خلق كينونة تونسية تتجسد في شخص "زعيم" قد يلبس الدكتاتورية لحفظ الأمن والخصوصية، فكان ما حدث ليلة الـ25 جويلية.

ما قام به الرئيس التونسي انقلاب يفتقد للشرعية حتى لو كان رئيسا شرعيا، ولكنها ضرورة مرحلية باعتقادي، ستتأكد بما سيفعله الرجل مستقبلا، وما يعزز رأيي صورة "قيس سعيد" التي ترسخت في الأذهان منذ ترشحه للانتخابات الرئاسية وفوزه بها، وصورة "الزعيم" التي اجتهد في تقديمها للرأي العام، وما خروجه عقب قراراته الأخيرة إلى الشارع وتجوله في الأسواق ومشاركته احتفالات الشعب المتعاطف معه، إلا دليل آخر على صواب ما فعل، وحاجة البلد لهذه النقلة النوعية، حتى وإن كانت مخيبة لتيارات سياسية مختلفة.

نحتاج كل زمن لقائد زعيم يملأ كرسيه، ويفيض بـ "الرجلة" إلى شعبه حتى تصيبه العدوى ويكون شعبا زعيما واعيا ذا نهضة وعزيمة، وحتى لو كان في جُبّة "ديكتاتور"، وأتى بمؤسسات بديلة قائمة على مبادئ العدل والديمقراطية والكفاءة، فسيصون تونس مما يُحاك لها، وتَسْلَم هي وجاراتها، ويغنم الشعب في روضاتها.

 

بقلم : معمر عيساني

 

تعليقات

الأكثر قراءة