يموت الدكتور ولا يأكل بقلمه!

يؤمن عدد من الأساتذة الجامعيين والدكاترة بعقيدة "حشيشة طالبة معيشة"، ويُسخّرون لذلك سنواتهم في البحث العلمي "المزعوم"، للحصول على مناصب تكفل لهم راتبا ورفعة دون الملأ، ويُنهُون مسارهم دون تقديم إضافة لهذا العالم المنتظر للكثير من أمثالهم!

نظام الـLMD في الجزائر صبّ الكثير من حاملي الليسانس في وديان الماستر والدكتوراه وهم لا يفقهون حتى اصطلاح "البحث"، وقصَروا وجودهم الجامعي على ما جادت به مذكرات سابقيهم وتسهيلات النسخ واللصق، ومسروقات الإنترنت، فوجدنا أنفسنا أمام منتجات مشوهة يُقال عنها "دكاترة"!
وحتى لا نكرّس نوعا من الطبقية التي تقدّس "نخبة" مترفة كسولة على حساب "عامة" كادحة، سنبحث عن شخصيات قيادية للأخذ بناصية الأمة إلى ضفة الوعي والإنتاج والثقافة.. ولكن أين سنجدها؟؟ هل هي تلك التي تعجز عن الغوص في مضامين القضايا وجوهر الفكرة، أم المتنطعة بزخرف القول دون جدوى؟ هل سنتشرّف بقيادة دكاترة سرقوا شهاداتهم واشتروا مناصبهم وعكّروا صفو طلابهم باِبتزازهم، ودنّسوا شرف طالبات وقعن ضحايا شهواتهم ومراهقتهم؟ هل يجدر بنا تسليم دفة القيادة لهم ونحن في بحر متلاطم الموج بين حروب إقليمية وتحديات دولية قاهرة وهم في لهو وعبث ومظاهر نخبوية زائفة؟
برأيي لا يستحق صفة الدكتور إلا من قدّم على رفوف المكتبات نظريات جديدة وحلولا واقعية لمشاكل ومسائل اختصاصه الذي نحاه، الدكتور الحقيقي هو المثقف المبادر المنفتح على التعاون مع الجميع دون عقدة في سبيل تنوير الرأي العام، وترقية الجامعة، هذه الجامعة المتخلفة بكل تلك الأعباء الإدراية والخدماتية، فبات بطاقاتها التعريفية لا تحفل ببراءات الاختراعات الوافدة منها، بل وجبات وأسرة الوافدين إليها!
هنا قد يجف حبر الناقدين ويخفت صوت المندّدين بجنوح المجتمع ورداءة ذوقه وانحطاط قيمه وسفاهة مبادئه، فأولئك الذين نعدّهم "نخبة" قد صاروا خشبا مسندة لا تصلح إلا للنياشين الزائفة على صدور ملأها الكِبر والفخر الزائف وعقيدة الاستهلاك والجري خلف "الخبزة"، فأنّى لهم التناوش بعد الذكرى!

بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. سقط المعلم فسقط الأستاذ وسيسقطون كل من يلونهم تباعا مع الثقافة الغبريطية لن نرى النور وسندفع ثمن عدم الدفاع عن البسملة

    ردحذف
  2. إنها تراجيديا فساد بلد بأكمله..
    فالمنظومة التربوية والجامعية هي الأساس لقيام أي مجتمع وحضارة.

    ردحذف
  3. غير معرف12/9/17

    نقلا عن صفحة الأستاذ شيهان رضوان
    *************************************تعقيب***********************************
    على مقال: الأستاذ(معمر عيساني)
    **************************بسم الله الرحمن الرحيم******************************
    رغم أنني لم (أتدكتر) بعد، ولا يحق لي الحديث باسم الدكاترة، إلا أنني– باعتباري عضوا في الأسرة الجامعية - أملك حق الرد على ما ورد في مقالكم المعنون بـــ(يموت الدكتور ولا يأكل بقلمه!)، الوارد في مدونتكم في الرابط(http://maamaraissani.blogspot.com/2017/09/blog-post.html?m=1)
    وقد أحببت أن أوجز ردي في النقاط التالية:
    أولا/ تقول القاعدة الأصولية (الحكم على الشيء فرع عن تصوره) وأنت وإن كنت بدأت مقالك بلفظ التبعيض(عدد من) فإنك حاولت من خلال عنوان مقالك إيقاع معظم القراء في خطيئة(التوهم)، لأن أغلبهم يكتفي بقراءة العنوان فقط، وهذا شأن طائفة كبيرة من المبحرين في الإنترنت، تريد تكوين فكرة (الحكم بالجملة) في عقول هؤلاء فلا يقرؤون مقالك، ويكتفون بالعنوان لأنه موجز، يحيل ذاكرتهم الأدبية على المثل العربي( تموت الحرة ولا تأكل من ثدييها)، وبذلك تكون وقعت في خطيئة(التعميم) والإزراء على الناس، وهي خطيئة نبهنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم(إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم).(انظر شرح الحديث في الرابط :
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=111004
    ثانيا/ يُدخِلُ عنوان مقالتك -فيمن يدخل- الدكاترة الذين درَّسوك وأعدُّوك وأَهَّلوك لتكون قَيِّما على عقول كثير من نشء هذه الأمة، فتطعن فيهم، وبذلك فأنت تطعن في أهليتك لتحمل ما أنت مسؤول عنه في وظيفتك؛ كونك أستاذا في الطور الثانوي، وإذن يصدق فيك قول الشاعر:
    أُعَلِّـمُهُ الرِّمَـايةَ كُلَّ يَـومٍ *** فَلمَّـا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمانِي
    وَكَمْ عَلَّمْتُـهُ نَظْمَ القَوَافي *** فَلَـمَّـا قَالَ قَافِيةً هَجـانِي
    ثالثا/ لا تبرأ ذمتك بعبارة التبعيض(عدد من ) في متن المقال من تهمتي القذف والتعريض بعدد -لا يعلمه ولا يحصيه إلا الله تعالى- من الدكاترة والأساتذة المجدين المجتهدين الصالحين الذين يفنون أعمارهم في خدمة العلم وأهله، وقد عرفنا منهم رجالا تستحي- إذا جلست في حضرتهم- أن تنبس ببنت شفة، أو ترفع بصرك إلى أبصارهم، من أثر الرهبة والهيبة والوقار، وهم قلة ممن لا يمكن عدهم أو إحصاؤهم في مختلف ميادين المعرفة.
    رابعا/ قد بدا منك التخبط في تشخيص حال (الدكاترة) الذين وصمتهم بالضعف، واتهمتهم بالسرقة، فأرجعتها(أي حالهم) إلى حال المنظومة الجامعية والتربوية ككل، فإن كان ذلك كذلك، فلم التعريض في عنوان المقالة بمخرجات المنظومات التعليمية، والتغاضي عن مدخلاتها؟ وهي مدخلات يتحملها المجتمع كله، بما فيها نظامه السياسي الذي تبنى فكرة(LMD)، وكان من متطلبات حسن الكلام وأدبه انتقاد الأفكار لا التعريض بإحدى مرجعيات المجتمع الراقية.
    خامسا/ تبدو أفكارك حول وظيفة الأستاذ الجامعي مهلهلة، فالأستاذ الجامعي يقوم بعدة أدوار، أهمها الإعداد الأكاديمي والفكري للطالب، ويتبعها الإنتاج الفكري الذي ليس بالضرورة أن يكون نظرية(خلدونية) أو(آينشتاينية)، فالناس يتفاوتون في مراتب العلم، حتى داخل أسوار الجامعة، وليس المقام ذو سعة لأحدثك عن (دكاترة) موهوبين، وحتى عن خريجين في مرحلة(DEUA) ممن ابتكروا وأبدعوا في ساحة الجامعة الجزائرية، والواقع شاهد بأن كثيرا منهم لم يجدوا الأيادي التي تأخذ بأيديهم، وتسهل لهم الطرق لتجسيد أفكارهم.
    سادسا/ اعتاد كثير من الناس انتقاد من لا شأن لهم به من المرجعيات المجتمعية؛ كالأستاذ في مختلف أطوار التعليم، والطبيب، والإمام، والقابلة، والشرطي والدركي..إلخ، كما تجد ذلك الانتقاد في داخل المجموعة المهنية الواحدة، ولكنني أعيب على الرجل حمل سيف النقد على من ليس في مستواه العلمي أو ليس في مجموعته المهنية، كأن ينتقد الطبيبُ المهندسَ الكهربائيَّ، أو ينتقد الشرطيُّ الإمامَ، فليس لأحد الحق في انتقاد أحد إلا بما يدانيه خبرة وعلما، ألا ترى أننا نعيب على الصحفيين انتقادهم لكل المرجعيات المهنية، واحتفاءهم بالفنانين من المغنيين والرقاصين واللاعبين الذين أذهبوا عقول شبابنا، فَلِمَ تجاريهم في توجههم هذا وأنت المنكر عليهم تطاولهم على مرجعيات الأمة؟
    سابعا وأخيرا/ درءا للشبهة، وإحسانا للظن بشخصكم الكريم، وعملا بفكرة(...فإن لم تجد لأخيك عذرا فاصنع له عذرا) فإنني قد اهتديت إلى تبرئتك من خلال قراءة عنوان مقالتك قراءة أخرى، حتى يعتدل العنوان بالمثل العربي الآنف الذكر، وذلك بصرف كلي لمعنى إحدى ألفاظه إلى معنى آخر، على أن تعدني بإضافة علامة الاستفهام بجانب علامة التعجب حتى يتضح المعنى، وتنجلي الفكرة
    ولك مني فائق التقدير والاحترام
    أخوك/ الذي لم يتدكتر بعد
    رضوان شيهان الونشريسي

    ردحذف
    الردود
    1. أستاذ رضوان شيهان الونشريسي قد قرأت ردك عن مقالتي الموسومة بـ"يموت الدكتور ولا يأكل بقلمه!" وها هو ردي لو أذنت أستاذي.
      أولا: أنا مسؤول عما أكتب ولست مسؤولا عما يفهمه الآخرون، والعامة من الناس ليسوا كمن أعمل عقله فيما يقرأ وقد قلتها أني استثنيت في بداية المقال وذلك يجزىء ويدرأ عني تهمة التعميم.
      ثانيا: كأنك وضعتني في مواجهة من أهم أوسع مني علما وأقدر فهما كلٌّ في اختصاصه، ولست أنا الذي يقبح بالرأي أمام أساتذته، كيف لا ولازلت أنحني لمعلمي في الابتدائية لحد الساعة إذا ما حادثته! والأساتذة والدكاترة الذين درّسوني يعرفون أخلاقي جيدا، وأنت أيها الغالي وآخرون لم يدرّسوني أو كانوا زملاء لي وأكملوا دكتوراهم كلكم أكنّ له الاحترام وحق المستوى..
      ثالثا: وفيما يخص "التعميم" الذي نهيتني عن تبرئتي نفسي منه، أكرر أني لم أعمم، ولست في خلاف مع أحد حتى أنفث سمي في المقال، فلا تضعني في مواجهة أنا في غنى عنها.
      رابعا: الجامعة ما هي إلا وجه آخر لحالة التخلف التي تعيشها الجزائر، فمن غير المنطقي أن نقول أن الجزائر متخلفة وجامعاتها متطورة! ومن الوهم الاعتقاد بأن الجزائر بلد متطور! عموما لنقل أننا سائرون في طريق النمو من باب "ستر العورة".
      خامسا: ما عقّبتَ عليه مقال رأي بسيط وليس بحثا أكاديميا لننتظر منه الإلمام بكل شيء.. مؤكد أن الجامعة الجزائرية لم تعقر ولازالت حبلى بالكثير من المواهب التي أجهضتها الظروف! فأنا لست القاضي الذي يصدر حكما بإلغاء دور الجامعة جملة وتفصيلا.
      سادسا: كوني انتقدت طائفة ممن هم ليسوا في مستواي واختصاصي فهو استغراق في الظن منكم.. فالمقال لم أسُق فيه نقدا معرفيا متعلقا بما لا يعرفه العامة، بل إني تحدثت عما يعلمه القاصي والداني من تدني في قيمة الشهادات، وأنت وكثير من السادة الأساتذة يعرفون ذلك عن كثب. فلو تركنا كلّ اختصاص وشأنه لعطّلنا قاعدة الإصلاح والنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
      سابعا: سأضيف علامتي استفهام: الأولى إجابة لطلبك، والثانية استغرابا لفهمك لمقالي وأنت الأستاذ الأخ الشقيق!
      تقبل تحياتي.

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة