زميل!


اندفع إليه جامحا يودّ تحرير مخالفة له لأنه توقّف في غير المكان المخصص، فنظر إليه السائق باشمئزاز وقال له: "زميل"!

عون الأمن الذي كان مزهوا بنفسه لأنه كان مقبلا على معاقبة "مواطن"، وجد نفسه في موقف حرج لأنه واجه زميلا، وأي زميل؟ إذ كان أعلى رتبة منه في زيّ مدنيّ.. فراح ينعّم في الكلام ويجلب ودّ من حسبه "مواطنا" ولم يزد على ذلك إلا ابتسامة صفراء أهلكت البلاد والعباد.
تطبيق القانون في هذه الدولة محض وهم، فقد تم وضع تلك المواد جزافا لترفع أناسا وتخفض آخرين.. فالشرطي الذي يقمع الأستاذ والطبيب والإمام وجميع الناس لا يستطيع النطق بكلمة أمام ابنة الوالي! ولن نتحدث عن الوزير وحاشيته.. والرئيس كمثل الآلهة يخرّون له أذلة!
قانون المرور يكفي لتقليص نسبة كبيرة من الحوادث فالعامل البشري هو الغالب في تسببها، ولكن ما فائدة غرامات لا يدفعها إلا "المحقورين"؟ ما فائدة سحب الرخصة ليحصل عليها المخالِف في المكتب معززا مكرما بفضل اتصال هاتفي لن يكلفه 50دج!
أما "موضة" الزمالة في النظام وتقديس رجال الدولة عن أدنى المخالفات فلا تبتعد كثيرا عن العنصرية والطبقية وحتى الجهوية، هي وضع لن يسمح بتكريس كيان اسمه وطن! فنحن كما يقول أحد الكتّاب فشلنا في الخروج من عقلية "القبيلة" إلى فسحة "الدولة المدنية".. لازالت تحكمنا الأعراف والعلاقات الشخصية والنفوذ..

        لازلنا غرباء عن حضارة ارتقت بالعلم والعمل، لأننا نصدق ببساطة أننا نملك وطنا ونحن لم نحز من الوطنية إلا الوثائق الإدارية!
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة