شعبان في ذي الحجة

"شعبان" مواطن جزائري وليس لاجئا سوريا، يعيش في مكان ما من هذا الوطن.. "شعبان" متزوج حديثا ولا يملك سكنا منفردا، ولحد الساعة لازال يعيش بـ"السيروم" -عقود ما قبل التشغيل-! ولولا أعماله الحرة التي بارك الله فيها لما استطاع حمل ابتسامة واحدة بين شفتيه.

"شعبان" لا ولن يفكر في أضحية العيد.. يكفيه من ذلك اليوم صلاته التي يستعد لها بغُسِل وجلابة مغربية وشيء من المسك.. لن يحاكي مترفي المجتمع بشراء السكاكين والفحم و"الشوايات"، ولن يبحث عن كبش أقرن ولن يتحدث في مجلسه عن الأسعار في سوق الغنم.. سيرضى بمقدار صغير من اللحم يشتريه عند الجزار وهو كظيم مسودّ الوجه، يتوارى عن جِيرَته لسوء ما يقع عليه من غبن أيامَ الله المعلومات، وهو على عهد قريب بأيامه المعدودات!
"شعبان" يتقن الألمانية والفرنسية والإنجليزية لكنه للأسف لم يتقن لحد الآن لغة "التملّق" و"الشيتة" التي تمكّنه من الوظيفة، يكره "شكيب" و"الخليفة"، ولشدة كرهه لهما يودّ زيارة الأرض التي احتضنتهما بعد نهب الملايير -على اعتبار وهمية محاكمة الأمير "عبد المومن"-... ولأن لديه القدرات اللازمة لوطء بلاد هتلر ونابليون في مجال "البرمجيات"، دفع ثمن حبه لفلسطين بعد أن اخترق عديد المواقع الإلكترونية الإسرائيلية فرفضوا تقديم منحة دراسية له رغم نجاحه في امتحان القبول!.. نسيت أن أخبركم أن "شعبان" قرصان محترف على شبكة الواب لكنه يمارس الإنسانية وصدّ الظلم عبرها.
"شعبان" موهبة وكفاءة لو قُدّر لها أن تكون في أرض غير الجزائر لصُقِلت وطوّرت وأصبحت مصنعا للإبداع والتنمية، لكنه ما دام يتقاضى أجرة شهرية بقيمة "8000دج" فقط ويُعامَل معاملة الموظف الذي يتقاضى "الـ3ملايين" سيُعتَبَر أسوء حالا من اللاجئين، ويكفي إحساسه بالعنصرية ليضطر ولو بعد حين لترك الوطن والسعي إلى من يحترمون الإنسان!
"شعبان" في ذي الحجة وكل الشهور القمرية والشمسية وحتى المريخية لن يكون بخير.. لأنه لم ينل فرصته في هذا الوطن، ورأى بقدر كافي قُطْعَان أهل "المعريفة" و"الرشوة" ينالون حصص الأسد من رِيع الصحراء والسهول والسواحل.. يقتطعون حقوقه في الوقت الذي تفرض عليه جميع الواجبات... تحية لك يا "شعبان" يا حكاية كل شاب "حقروه" في زمن "ارفع راسك يا ابّا".
بقلم / معمر عيساني.



تعليقات

  1. رائع أيها الأديب معمر عيساني

    ردحذف
  2. مقال رائع و أروع ما فيها هذا المجهول الذي تتحدث عنه ...نحن في حاجة كبيرة لأشخاص مثل "شعبان" هذا و أنا شخصيا أريد طريقة للتواصل معه و في أقرب وقت ممكن من بعد إذنك طبعا أريد هاتفه أو صفحته أو أي شيء يوصلني إليه ربما يجد ما يبحث عنه من خلالي.

    ردحذف
    الردود
    1. سنتواصل عبر الفايسبوك بإذن الله

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة