أين شباب الشلف المثقف؟

ظهرت الشلف مؤخرا بحراك ثقافي غير معتاد، فانطلاقا من نشاطات المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية وانتهاء بالمخيم العربي للشعراء الشباب ومبادرة لقاء الشعراء تأكدت حياة المواهب في ولايتنا وزيف الادعاءات بموتها.. وأنا أقول أن مشكلة الثقافة هنا إنما هي نتاج تدخّل الطفيليين ومزاحمتهم المبدعين لا لشيء إلا لنفوذهم وعلاقاتهم الشخصية.

حوالي 500 جمعية ثقافية مسجلة في الولاية، لا نرى منها إلا ما يُحسَب على أصابع اليد، مخصصات مالية تذهب هباء منثورا، وتبقى المواهب الشابة والمشاريع الطموحة دفينة الانتظار والبيروقراطية.
وحتى فرع اتحاد الكتاب الجزائريين لم يسلم من الحسابات الضيقة والخصومات المراهقة.. فلم نجد له ذكرا إلا في جائزة الوالي للفكر والأدب والتي تبقى محتشمة لحد بعيد لولا الرعاية السامية للسيد الوالي.
نجاح الثقافة عندنا مرهون بتجاوز الأسماء المنفوخة التي تجاوزها الزمن ولا تريد الاعتراف بذلك، ثقافتنا لابد أن تسلك طريقا جديدا منتهاه الإبداع وليس الاختلاس وملء الجيوب على "ظهور" الشباب المهضوم حقه في "الظهور"!
وأكبر دليل على إمكانية النجاح: مشروع "لقاء الشعراء" الأول وطنيا ومغاربيا، الذي تحقق بعمل تطوّعي ومشاركة ثلة من الشباب المبدع في الولاية، بعيدا عن حسابات الصكوك البنكية والانتماءات الجمعوية، فرغم كل تلك الميزانيات الضخمة التي خصصت للثقافة ومدّعي الانتساب إليها زورا وبهتانا، لم يستطع الناشطون تقديم عمل كهذا تُذكَر به الولاية خيرا في محافل النُّخّب.
أين أنتم يا مثقفي الشلف؟؟ فلا نرى إلا "البزناسية" و"الكرنفاليين" يروحون ويجيئون في أروقة المؤسسات الثقافية!! لقد أخذوا أماكنكم وادعوا الفضل عليكم! هم وأولئك المترفّعون عنا باسم النخبة والشهادة المزركشة! الذين يوصدون الأبواب أمام المواهب المغمورة فيصفونهم بالهواة وضحالة ما يقدمون من إبداع وهم ذاتهم انتهت صلاحية ما يقدمونه للجمهور لو كانوا يقدمون أصلا!
الشباب هم من أعوّل عليهم ليرتقوا بالنشاط الثقافي وإخراجه من مطبات "الشعبوية" و"المعريفة" إلى فضاء التنافس والبقاء للأفضل.. هنا طبعا لا أقصد "الغيطه والبندير" و"الملحون" والشاب "جرفاكه" و"بوجغللو"، بل أقصد الندوات الفكرية التوعوية، والأماسي الشعرية الضاربة في عمق اللغة،  والمسرح الهادف والمسابقات الثقيلة في ميزان المعرفة، والمنجزات الإعلامية الاحترافية، وكل ما ينتج شعبا متحضرا مساهما في ازدهار الوطن. 

بقلم / معمر عيساني 

تعليقات

الأكثر قراءة