المطلقات في المجتمع الجزائري: الخطيئة والمعاناة

          المطلقة أو "الهجالة" مثلما يسميها الجزائريون، امرأة من بين آلاف النساء اللواتي يقعن في قدر فك العصمة بينها وبين من أخطأت في الارتباط به.. هي في نفس الوقت جانب مظلم يلتهم كثيرا من الكلام والثقافة الملتفة حولها وحول واقعها الذي يصنع حياتها بعد الطلاق..

تعيش المطلقة مرحلة انتقالية حساسة بعد الخروج من بيت الزوجية.. ربما ساهم قانون الأسرة الجزائري في التقليص من معاناتها إذا ما كان معها أبناء تتحمل تبعات رعايتهم.. ولكن لن يستطيع أي قانون ملء الهوة التي يتركها غياب الرجل في حياة المرأة نفسيا اجتماعيا وحتى جنسيا.
"الهجالة" جسد أنثوي مباح لكل طالبي المتعة من الرجال.. واقع مؤسف ولكننا نعيشه يوميا في تفاصيل الأزقة والشوارع.. وأكثر المظاهر انتشارا حال النساء المتشردات دون بيت يحفظ كرامتهن.. يسعين لإيجاد نصف سقف أو حتى ركن وسخ للاحتماء من قسوة الحياة فلا يجدن إلا أحضان الزناة سماسرة الدعارة، يعبثون ويجرمون في حق بقايا امرأة ربما لا تمتد يداها إلا لطلب خبز أو اصطحاب طفل دامع العينين..
مطلقات أخريات وجدن الملجأ الحامي بعد انتهاء عقد الملكية الزوجية.. يعشن في بيوت عائلاتهن، أو حتى بيوتهن الخاصة، يرعين الأبناء إن كان لهن ذرية، ويجدن في يومياتهن فسحة لا محدودة، تقودهن في النهاية إن غاب مشروع تجديد الزواج إلى انحراف أخلاقي مبين..
يقول أحد المصطافين أنه وجد ضالته في شاطئ ولاية من الغرب الجزائري، خيمة تمتد بها امرأة تجاوز الثلاثين من العمر، يطلب منها الرجل شربة ماء دون أي خلفية.. ليجد نفسه في تخمة ليس من الماء بل اللحوم الحمراء.. النيئة ذات الانثناء.. كانت امرأة مطلقة عوضت حرمانها في هذا العابر السرير..
آخـَر تطوّعَ لاختيار حذاء لطفلة صغيرة رفقة أمها.. يقول الشاب أنه اعتقد تلك المرأة رفقة أختها أو ما شابه.. فرافقها في مشوار تبضعها، وقدّم لها رقم هاتفه للاتصال لاحقا، فوجد أنها مطلقة منذ أقل من 10 أشهر مع ابنتها.. عموما واصل ـ المغفور له ـ علاقته مع المرأة التي حفزته على كل شيء..
عمارات مشهورة باحتوائها على بيوت مطلقات يستقطبن طالبي اللجوء "الجنسي"، بيوت الدعارة المرخصة من الدولة أو حتى غير الشرعية تقوم على ضم هذه الفئة من المجتمع لمزاولة النشاط "الغريزي" بها..
السلوكيات اللا مسؤولة التي تقترفها هذه الشريحة الواسعة من المجتمع خاصة بعد تزايد حالات الطلاق في الجزائر في العشرية الأخيرة لدرجة أنهم خصصوا محاكم خاصة لهذا في بعض الولايات، تجعل المجتمع مقبلا على هوة من المشاكل الأخلاقية.. تبدأ من الانتشار المفجع للزنا والتبرج ومناطق الرذيلة، كما أن الأولاد الخاضعين لوصاية المطلقات يواجهون مستقبلا حالك السواد بتجرد الأم من كل صفات التربية والأمومة.. فالأبناء يحالون على أرصفة الشوارع للإدمان والفعل الإجرامي، والبنات يكملن مشروع الأم المطلقة في مجال الدعارة والفسق..
قانون الأسرة الحالي الذي حاول مشرعوه الحفاظ على بعض حقوق المرأة المطلقة، نجح في وضع مجال يحميها من الفاقة، ولكنه في نفس الوقت جعلها تمارس حياتها الجنسية بنوع من الأريحية مادامت النفقة تصلها دون عناء.. ولهذا وصلنا لبيوت دعارة قائمة على الأم والبنات وربما حتى الأبناء والعياذ بالله!
هذه المأساة تفرض علينا إيجاد حلول سريعة تلملم شتات مجتمع لم يبق له من الأخلاق إلا حكايات الجدة.. ولنحمي مستقبل جيل من الأبناء والبنات قد يجدون بلوغا أشرف مما قد ينتظرهم في معية أمّ لا تراعي إلا متعة فرجها..
أهم ما يُقال في هذا الشأن ربط المطلقات بالعائلة التي كانت فيها مسبقا حتى تجد رادعا ولو نسبيا إن سوّلت لها نفسها مكاره الأفعال، أمر آخر وهو دعم فكرة تزويج المطلقة في أقرب فرصة.. فإن كان هناك عزوف في الزواج بها، تهتم الجمعيات الناشطة في هذا المجال بربط الوصال بين المطلقات والرجال الذين يبحثون عنهن حتى تنجح العملية.. وهي موجودة حقا في بعض الولايات ومنها "تندوف" في الجنوب الجزائري حيث أن الرجال يقبلون على الزواج بالمطلقة أكثر من البكر.
إضافة أخيرة، نؤكد فيها على أن المرأة المطلقة لا تحتاج التعويض المادي فقط على فراق زوجها ، بل لابد لها من دعم عاطفي يعوض عليها حرمانها، ولو وجدته لما وقعت في أحبل الرذيلة، كما أن للمجتمع دور في ترسيخ فكرة الانحلال لدى المطلقة، التي وجدت نفسها متهمة دون جناية بمجرد صدور ورقة طلاقها، فهي وإن كانت أشرف من العزباء في بيتها، لن تحتمل نظرة الجيران والمعارف إليها كونها فقط "مطلقة".. مرأ    
بقلم / معمر عيساني.

تعليقات

  1. غير معرف27/5/14

    أنا مطلقة نعم ولديا أطفال نعم ولم أفكر يوما في الجنس لأنني أخاف الله فلا داعي لتهجم علينا هكذا بل بلعكس حمدت الله وتوجهت للجامعة للدراسة وبأذن الله سأجد عملا اولا فكرو في تغيير خلفياتكم عن المطلقات ثم ابدؤ في اتهامنا

    ردحذف
    الردود
    1. أنا لا أتهم أختي.. فقط أنبه لواقع موجود في المجتمع.. كما اتمنى لك النجاح في دراستك وفي تنشئة أبنائك

      حذف
  2. غير معرف27/5/14

    أظف ايظا نحن نعاني من الافكار السلبية للافراد وان كنت انا مطلقة نجحت في تخطي وذلك بصبر ففكرو في أطفالني واي مادة تتحدث عنها لنا نحن واطفالنا فقط الفتات

    ردحذف
    الردود
    1. كان الله في عونك أختي... وتأكدي أن الشريفة لن يتركها الله مطلقا.. حفظك الله ورعاك رفقة أبنائك..

      حذف
  3. صفاء17/6/14

    جميل أن ننبه المجتمع من خلال سرد الواقع ... وأعان الله كل الاخوات الشريفات التي سقطن في ساحة الطلاق .. ومع ذلك لا يعتبر الطلاق جدار مانع من مواصلة الحياة ولكن على المراة ان تعرف كيف تتصرف وتحسب خطواتها جيدا لان أي تصرف خاطئ تصنف من ..... تحياتي لك أستاذي مقالاتك رائعة أتمنى لك الوصول إلى القمة مع انك بلغتها ..

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا على متابعتك اختي صفاء
      واعلمي ان في مجتمعاتنا نساء مطلقات وأرامل استطعن ان يربين أبناء وبناتا تربية صالحة اوصلتهم درجات من الرقي وجعلتهم على قدرة لفتح بيوت بدورهم.

      حذف
  4. غير معرف3/9/14

    مقال رائع ولكن السخريه فيه موجعه ﻻنه واقع فرض على من ﻻحيلة لها نسأل الله صﻻح أحوال المسلمين ...ويبقى للبعض وليس الكل ﻻن هناك نساء مطلقات قمنا بتربية أبناهن أحسن تربيه

    ردحذف
    الردود
    1. تماما أنا لا أعمم وأؤكد لك أن في مجتمعاتنا من هن مطلقات وأحسن تربية أبنائهن أكثر من المتزوجات بنخبة المجتمع

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة