أوراق فلسطينية.../ الحلقة السادسة /



جِنين.. الجَنين الذي يولد كل يوم


يصل "محمود دراغمة" إلى نهاية مذكراته، فيقول في القسم الأخير منها:

...
نعم أذهب إلى سنوات قد خلت من عمري، ما تقارب الأربع سنوات في جولة عبر الأراضي الجزائرية.. أربع سنوات لم أنس فيها لحظة واحدة أمتي الجريحة فلسطين، أربع سنوات وأنا أقف متخيلا أطلال الأحبة والأهل والأقارب، وزملاء الدراسة، نعم قد غابوا عن عيني، ولكنهم لم يغيبوا عن قلبي، فعندما أفتقد أحبابي لا أبحث عنهم بعيدا، فقط أنظر إلى أعماق قلبي حيث هم فيه...

أما أبي وأمي: فهما نور عيني ونبض قلبي، فهما غطائي إن لم أجد الغطاء، وهما فراشي إن لم أجد الفراش، فهما من سهر الليالي لأجلي، فهما دمي الذي يسري في جسدي، بل وحتى دمعتي التي سالت على خدي، فكلنا نقصر اتجاههما.. وأقول لكم يا إخوتي لن تعرفوا قيمة الوالدين إلا إذا ابتعدتم عنهما، فهما الجنة التي تسكنوها.. فمن تجربتي في هذه الغربة المؤلمة لفراقهم وجدتها الجنة التي قد خرجت منها، وجدتها الدواء الشافي إذا مرضت، فالوالدين نعمة عظيمة، بل وحتى في رضاهما رضى المولى عز وجل، فأوصيكم يا أخي، وكل من رأيته وسأراه، أوصيكم بتقوى الله فيهما، والسعي إلى إرضائهما مهما فعلا معك، فأنت البذرة التي أنبتاها، وسَعَيَا على العناية بها، حتى أينعت وأصبحت قادرة على القيام ببناء مستقبل زاهر ومشرق، فالله الله في أمكم وأبيكم وأختكم وأخيكم..

أما جنين.. فهي الجنين الذي يولد كل يوم، فكلما خرج من بطن أمه فلسطين، قامت آلة العدو بقتله، فهي تخاف من هذا الجنين إذا كبر أن يخرب عليها مستقبلها، فجنين هي الخضرة والنور، هي البساتين، هي الزهور، هي الحياة اليانعة، هي مركز الراحة والاستراحة، هي الخط الأخضر، هي الحزام الناسف لدولة إسرائيل.

فأسأل الله أن تكون أوراقي وكلماتي قد وصلت إلى مسامع قلوبكم يا أخي معمر، كلمات مجروحة تنزف من شريحة قلبي، عن طريق شرياني الممزق.

كتبت هذه الكلمات العزيزة لأن قلمي أوشك على الرحيل والفراق، فسامحوني يا إخوتي إذا قصرت في حقكم أو أزعجتكم في أمر من الأمور، وإلى لقاء قريب في ساحة المسجد الأقصى نصلي سويا، ونحن نرى بأعيننا النصر من رب العزة لعباده المستضعفين، فسيهزم الجمع ويولون الدبر، وإن غدا لناظره قريب..

والسلام ختام، والحمد لله رب الأنام..
أخوكم ومحبكم، العبد الفقير إلى عفو ربه: محمود دراغمة...
02:30
صباح الاثنين... صيف 2008م

تعليقات

  1. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته

    ردحذف
  2. أخي محمد يسعدني متابعتك للأوراق فلسطينية.. ولكنني أنوه إلى أن محمود دراغمة لازال على قيد الحياة.. وهو لازال على اتصال بي من فلسطين الحبيبة..

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة