أوراق فلسطينية.../ الحلقة الثانية /


الجامعة والسياسة!


يُتِم "محمود دراغمة" حديثه عن تجربته في الجزائر حينما قضى بها أربع سنوات للدراسة.. فيقول:
... أما بالنسبة إلى الجامعة، فأقول ما رأيت فيها وما أستنبطه من خلال دراستي فيها:
.. إنها السمّ الذي يريد القضاء على الشباب ومستقبل الشباب.. جامعة الفساد، جامعة أبت إلا أن تكون بدلا من طلب للعلم، طلبا يُخل ويحطم الأخلاق.. جامعة أفسدت العقول، وأمرضت القلوب، إنها السياسة بأم عينيها، وكأنها تقول لهذه الطبقة الشبابية المثقفة والتي تسعى لطلب العلم الصالح والنافع: أريدك أن تتعلم شيئا واحدا ألا وهو الحب والغرام.. أي أنني أريد منك شيئا واحدا مقابل توفير أمورك ورغباتك: أن تفكر في قلبك، وأن تغلق باب عقلك بمفتاح قلبك..
فأنت ترى يا صاحبي البلوى التي عمّت وطمّت، فبدلا من أن نرى الشباب في أماكن عملهم وجدنا البطالة، وجدنا الشباب على أسوار الجامعات والإقامات الجامعية يتبادل الحديث مع المتسكعات من صاحبات الأخلاق المخلة.. فلو كانت فرص العمل موجودة ما رأينا هذه البلوى.. فمن المسؤول عن ذلك إذن؟؟.. إنها السياسة، هذا كله من حيث النظام الفكري المُسَيّس..
أما بالنسبة إلى الأساتذة والطلبة: فقد رأيت التحدي بين الأستاذ وتلميذه، ورأيت الحقد على الطالب المجتهد، رأيت الاستغلال وانتهاك حرمة العلم ـ إلا من رحم ربي ـ وذلك ناتج عن الاختلاط الأعمى الذي أدى بطالبة العلم أن تبيع شرفها مقابل نقطة أو علامة لا تسمن ولا تغني من جوع.. فقد رأيت الأستاذ لا يلقي أي اهتمام لطالب العلم.. فقد وجدت الاهتمام كله منصبا على الفتيات، فماذا يفعل الأستاذ بالطالب؟ فهذا الطالب سوف ينافسه في مقعد التدريس يوما ما، فلابد أن يحطم مستقبله ويهدم ما كان يريد بناءه، ونسي هذا الأستاذ أنه كان على مائدة التعلم، تلَقّى العلم عن أساتذة أجلاء، نسي أن العلماء ورثة الأنبياء، نسي بأن الأنبياء ما ورّثوا درهما ولا دينارا، ولكنهم ورثوا العلم..
العلم أمانة عظيمة يا إخوتي، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله يا أعز أصدقائي في الجامعة، يا من رأيت فيكم الشمعة المنيرة إذا ما انقطع التيار، يا من رأيت فيكم مصباحا ينير الطريق لإخوانه، يقيهم ويحذرهم من الوقوع في حفر الضلال والفاحشة، فأنتم ترون جيدا ما يحصل على ساحة العلم في الجامعة، فالجامعة تريد أن تفشي سرا لكم وقد غفل عنه الكثير.. قائلة لكم: أنا ما بُنِيت لأجل أن تتعلموا، بل بُنِيت من أجل أن أحجزكم وأحجز على عقولكم، خوفا من أن تفكروا في يوم من الأيام في البحث عن وسيلة التغيير والإصلاح لهذا المجتمع الذي أصبح ملوثا بمادة الاستدمار الذي جاء به جيش الجراد، فقد ذهب جَسَدًا، لكنه وكما ترون مازال روحًا، فِكرًا يسري في أجساد الكثير ممن تناسوا الحقيقة.. فقد وُفّر لطالب العلم كل شيء من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم مجاني، فلماذا كل هذا الكرم؟ أنا أصارحكم بهذا القول: عندما يكرمك أحد فإنك ستستحي منه، ولن تقف في وجهه في يوم من الأيام، أو تحاول أن تنصحه، أو تقول له: أنت على باطل.

تعليقات

  1. لاحول ولاقوة إلا بالله
    كلمات ذات مغزى عميق تستحق القراءة والتأمل
    رحمه الله وجزاه خير الجزاء
    وشكراً لك أخى ( معمر) أنك أحييت هذه الأوراق

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة