غزة الانتصار... رغم الخيانة والحرب والحصار!


لن ينسى سكان "غزة" الأبطال ذكرى العدوان الإسرائيلي العربي المشترك ضدها.. ففي الـ 27 من ديسمبر عام 2008م شنت الطائرات الصهيونية هجمات مباغتة على القطاع خلفت عددا من الشهداء سرعان ما تضاعف بتواصل العدوان 22 يوما كاملا بتزكية أمريكية ودعم "فتحاوي" مصري للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس".. ولكن الحرب انتهت و"حماس" بقيت بل انتصرت، وإسرائيل انهزمت شر هزيمة، والعرب الخونة انكشفت عوراتهم للشارع بكل سوءاتها..

أعطت الحكومة المصرية ضمانات لـ"حماس" بعدم شن اليهود أي ضربة عسكرية ضدها بعد تهديدات الوزيرة الإسرائيلية "تسيبي ليفني" بإنهاء "حماس" وهي في حضرة وزير مصر "أبو الغائط" أو عذرا "أبو الغيط"، ولكنها كانت خدعة مصرية وقتها لكسب حالة "دون مستوى الحذر" من أجهزة الأمن هناك، فكانت هذه الأجهزة هي أول ما ضُرب في الحرب.. ولكنها كانت البداية فقط، فالطائرات الإسرائيلية غيرت وجهتها إلى المدنيين العزل.. لتكون الحصيلة الأكبر من المستهدفين فئة الأطفال والنساء.. وسط حالة من الخذلان العربي الذي لم يصل حتى إلى نقطة توافُق لتنظيم قمامة أو قمة عربية تحفظ ماء الوجه! فاجتمع أغلب الزعماء الذين نظن بهم خيرا في قطر بدعوة من أميرها للصراخ بصوت واحد في وجه الصمت الدولي المطبق حيال المجزرة المنظمة في حق إخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة..

كان من المقرر أن تكون قمة قطر نمطية في "ظاهرتها الصوتية" الخالية من كل فعل.. ولكنها تُعتبر أنجح قمة عربية منذ استقلال العرب من الاحتلال منتصف التسعينات.. فالقمة حضرها أنقى الزعماء وأوفاهم للقضية الفلسطينية دون الخونة المتخاذلين الذين أعانوا "إيهود أولمرت" في ذبح غزة، فمصر والأردن والمملكة السعودية صَلُّوا صلاة الغائب على شهداء فلسطين.. وأَمَّهُم العميل الأب "محمود عباس" الذي اعتذر عن المشاركة في قمة نُظّمت أساسا لأجل شعبه.. فهذا الشخص من المفترض أنه رئيس كل فلسطين وليس "رام الله" فقط، فكيف به يغيب عن القمة؟؟؟!!!

غياب هؤلاء "المنافقين" كان لإعطاء مزيد من الوقت لليهود حتى يكملوا عمليتهم العسكرية.. ولكنهم وعكس كل التوقعات واجهوا صخرة عصية غير قابلة للانكسار.. الزعيم "إسماعيل هنية" ورجاله المرابطون علّموا العالم كيف تكون البطولة ولقّنوا اليهود دروسا لن ينسوها بصواريخ المقاومة التي كانت تدُك المستوطنات بكرة وأصيلا مرعبة حفدة القردة والخنازير أشد الرعب...

لم تتورع إسرائيل في استعمال جميع الأسلحة المحرمة دوليا.. فأبدعت في إطلاق القنابل العنقودية والفسفور الأبيض، ولجأت إلى الحرب النفسية برمي منشورات تهدد بها السكان وتطالبهم بالإبلاغ عن كوادر حماس واستعانت في هذا أيضا بالبث التلفزيوني والإذاعي الذي اخترق ترددات القنوات "الحمساوية"..فكانت حربا شاملة اكتفت فيها منظمة الأمم المتحدة بالتنديد والشجب ـ كحال العرب ـ وما يضحك وصف أمينها العام "بان كي مون" الهجوم الإسرائيلي بـ "القوة المفرطة".. ما يوحي بالتأكيد بتواطؤ دولي صليبي على المقاومة الفلسطينية..

مصر في كل هذه الأحداث لم تحسن أداء دور "الأخت الكبرى" للعرب في استقبال اللاجئين الفلسطينيين.. فهَبَّت بكل بجاحة وصَفَّت جنودها على الحدود مع غزة لقتل أي فلسطيني يحاول الخروج والنجاة بحياته من القصف الجنوني الذي طال الأخضر واليابس بها.. مصر التي جعلت سفاراتها مستهدفة أثناء الحرب على غزة وكأنها سفارات بني صهيون بكل قراراتها التعسفية في حق الإخوة في غزة.. مصر ورغم أنها محرك الشرق الأوسط أصبحت الآن حجر عثرة في تحرر فلسطين من المحتل الغاشم.. ولا يمكن لأي عاقل نفي العمالة المصرية لإسرائيل.. فهل من الممكن تبرير المراوغة المصرية الحالية لعدم السماح بدخول قافلة "شريان الحياة" إلى القطاع المحاصر؟؟ والسكان المحاصرون هناك في أمس الحاجة إلى المعونات المقدمة فيها؟؟ ادعاء السيادة المصرية في فتح المعابر وتنظيم مرور القوافل يدحضه سكوت القاهرة عن قتل جنودها على الحدود مع إسرائيل في كل مرة وخاصة خلال العدوان على غزة والاكتفاء بوصفها ناتجة عن "نيران صديقة".. فهل الفلسطينيون المحاصرون خلف معبر رفح الموصد في وجوههم أعداء؟؟؟ زد على هذا قيام الأنذال في الحكومة المصرية ببناء جدار عازل يزيد في حصار أطفال ونساء غزة، فهل من المعقول القبول بفعل مثل هذا والسياح الإسرائيليون يعيثون فسادا في سيناء وشرم الشيخ وكل مصر؟؟؟

غزة اليوم وبعد كل ما جناه العرب في حقها وكل المؤامرات التي أحيكت ضد شعبها مثال عظيم في الصمود.. الصمود القوي في وجه الحصار الذي لم يُنقِص مثقال ذرة من عزيمة الرجال والنساء الشرفاء في تحرير أرضهم.. هم الآن في الرباط في موعد مع إحدى الحسنيين إما الحرية وإما الشهادة.. والدور علينا الآن في التحرك لرفع الحصار بطريقة عملية وجدية بعيدا عن جلبة التظاهرات المنظمة أساسا لامتصاص الغضب الشعبي والإلهاء.. فما معنى الفيديو كليبات المنادية برفع الحصار والمُغنون فيها يمارسون سياسة اليهود في مسخ الهوية العربية والإسلامية والتذلل للنظام المصري مثلا؟؟!! إذن علينا أن نتناسى النكت الثقافية التي تُصرف عليها الملايين دون جدوى، كالقدس عاصمة الثقافة العربية والأقصى مهدد بالانهيار في أية لحظة.. ولننسى مبادرة الاستسلام العربية ونفكر خارج إطار القومية العربية.. ونتجه إلى إيران وتركيا وقوًى أخرى لدعمنا دون عبودية للبيت الأبيض وتل أبيب.. فالمطلوب منا الآن وقفة جادة أمام التاريخ حتى لا يلعننا أحفادنا يوما وهم يقرؤون تاريخ هزائمنا وخيانتنا ونحن عظام نخرة في جوف الأرض حينها!! فهل من عبرة لنا؟؟

بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. أخي الكريم الأستاذ معمر عيسائي ..

    مدونتك رائعة ومقالاتك تنم عن فكر حر وثقافة عالية ..

    كل التحية لك من غزة الحرة وإلى الجزائر بلد المليون شهيد والتي نصبر أنفسنا بتاريخها المجيد واصرار شعبها على الحرية رغم طول السنين ورغم إتخاذ المحتل لكل أساليب هدر الأصالة العربية ومحوها من ذاكرة الجزائريين وبرغم ذلك ظلت الجزائر عربية وبقي شعبها حر عتيد لم يهتز ولم يتخاذل حتى نال حريته ..

    نحن أيضاً نطمع في الحرية وفي الخلاص ولا نستطيع التسليم بحق العدو في شبر من أرضنا ولا نستطيع إلا أن تبقى راية لا إله إلا الله خفاقة عالية ..

    هو الطريق الذي ارتضاه لنا المولى عزوجل ونحن إرتضيناه وارتضينا أن نقف في ميادين العز والجهاد والشرف حتى ولو كنا وحدنا ..

    والله يا أخي اتكالنا دوماً على الله وكلناه في كل أمورنا ووكلناه في أمر هؤلاء المنافقين الذين فضحوا أنفسهم بأنفسهم وباتوا وبالاً على شعبهم وعلى تاريخ بلادهم الذي تشرفت به كتب التاريخ وكان عريقاً في زمن من الأزمان ..

    نحن لا نعول على مصر بقدر ما نحاول اتقاء شرها ومع ذلك تأبى حكومة مصر إلا أن تلوث نفسها وتاريخ شعبها بمهاترات وإذلال وأفعال لا تصدر إلا من حاقد وخائن وعميل ..

    نحن لا ننسى أيام الحرب وكيف خدعتنا وكيف كان دورها طوال فترة الحرب حيث أمدت الاحتلال بوجبات الطعام في حين حرمتنا من دخول المعدات الطبية والعلاج إلى قطاعنا الحبيب وبعد وساطات كبيرة أدخلت العلاج والأدوية وتركت الطعام في العراء حتى تم سرقته من المصريين ومن ثم فساده وتم بعد ذلك إعدامه .. نحن نعلم أن مصر لا تريد لنا أي خير وإن أصابتنا حسنة تسوءهم وماحدث مع قافلة النائب جالاوي كان مفتعل من حكومة مصر حتى لا يستطيع أن يأتي لغزة مرة أخرى وهو محمل بمثل تلك المساعدات ..

    أخي الكريم .. والله الذي لا إله إلا هو شعب غزة لا حول له ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. ففي أيام الحرب لم نعول على شخص ولم نرفع أكف الضراعة إلا لله وهو من نصرنا وثبت أقدامنا وأسكن قلوبنا الطمأنينة ورزقنا ما ارتضاه لنا من خير ..

    والآن وقد بدأ إحكام الحصار واجتمعت علينا الأمم نحن لم نزل نرفع أكف الضراعة لله ونحن على ثقة أن الله لن يخذلنا وأن من ينصر الله فإن الله ناصره ..

    ومع ذلك أتمنى من كل هذا العالم الظالم أن يعلم علم اليقين بأننا في قرارة أنفسنا لا نستطيع أن نسامح على كل هذا الظلم وسيبقى الله بيننا وبينهم .. لذلك فعلى الجميع أن ينجو بنفسه ويعمل ما باستطاعته من إزالة هذا الظلم عنا وعن شعبنا حتى ولو بأضعف الإيمان .. وسيحكم الله بيننا وبين الجميع بالحق والعدل إن لم يكن في تلك الدنيا فيوم القيامة ليس ببعيد ..

    سامحني للإطالة وكل الإحترام والتحية والتقدير لشخصك الكريم ..

    أختك اشتياق

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة