هل تثق في اسمك؟


في إحدى حصصي في اللغة العربية.. حدثت التلاميذ عن عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق وعدد من الصحابة الكرام... ولفتّ انتباههم إلى أمر بسيط لكنه عميق الدلالة..
فقلت لهم أن العالَم اليوم زاخر بالعلماء والدكاترة وخريجي الجامعة.. وكل واحد منهم إذا ما شغل منصبا أو ألّف كتابا أو حاز مكانة مرموقة فإنه يصدّر اسمه بلقب من الألقاب سواء أكان "الأستاذ الفلاني" أو "الدكتور" أو "العالم" أو "الداعية".. بل ربما أكثر من هذا فنقول "سماحة الشيخ الكريم.." أو "عالم العصر.." أو "العلامة الفاضل..." أو غيرها الكثير من الألقاب التي لم ينزل الله بها من سلطان... عكس الصحابة رضوان الله عليهم.. إذ كانوا أعلم الناس بالدين وأهل التفسير والحديث ونَقَلَتَه.. ولم يلقب أحد منهم بهذه الأسماء، فإذا ما ذكرت أبا بكر ذكرته دونما لقب.. وهكذا عمر، وعلي، وعثمان، وغيرهم ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه...
فأفهمت التلاميذ سر هذا الاختلاف البسيط لأجعله رمزا لعِظَم الشخصية وكبريائها.. فالصحابة لا يحتاجون إلى هذه الألقاب فأعمالهم تُغني كل فصيح.. فكأن لكل واحد منهم الثقة الكاملة بنفسه وباسمه، ونحن من بعدهم واثقون بهم وبأسمائهم.. فالأفعال أبلغ من الأقوال.. أما أعلام اليوم فنقصان الرصيد كفيل بتمويهه لقب أو لقبين أو ثلاثة ألقاب..
وفي هذا لست مخالفا لتقدير أصحاب الكعب العالي في العلم والاجتهاد والنجاح والقدوة والصلاح.. كما أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بإنزال الناس منازلهم... ولكن الأكمل والأعقل والأكثر خلقا لهذه الزمرة من الناس هو التواضع والثقة التامة بأسمائهم إذ أنها بحد ذاتها عنوان النجاح.. والشخصية الصافية المتنزهة عن كل مساحيق التجميل..
في تلك الحصة الدراسية وأنا أعرض فكرة الألقاب وزيفها.. تفطنت إلى وقوعي في ذات الشباك.. أني أصدّر اسمي في عنوان مدونتي بـ "مدونة ـ الأستاذ ـ معمر عيساني".. وهو ما نبهني إليه المدون المصري "الشرقاوي" في تعليقه على أحد مقالاتي... ما جعلني أعجّل في حذف هذا اللقب عن اسمي.. فالاسم لوحده يكفي... أنا أثق في اسمي بكل ما فيه من كبرياء وعفوية وتواضع... وما كان استعمالي له في البدء إلا تنويها بمحلّي من المجتمع.. لكنه في الحقيقة إغفال لباقي تفاصيل شخصيتي، وحاجز بيني وبين القراء الأفاضل... وفي النهاية ما أنا إلا معمر عيساني...
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. جزاك الله خيرا وبارك فيك

    فعلا الكثير من الناس تستهويهم
    الأسماء ن وتعجبهم المقدمات فنجد
    معارفهم ينادونهم بدكتور ، شيخ
    وإذا سهى مرة عن ذكر اللقب أصاب
    صاحبه الغضب .. فسبحان الله

    ردحذف
  2. مقال جميل جدا

    ولكن حفرت فى زاكرتى بالاستاذ معمر عيسائى

    ولكن بالطبع نثق فى اسمك وفى مدونتك الجميلة

    لك ودى

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة