تجربة عند خياط

          قرر أحد أصدقائي خياطة مئزر له كي يؤدي به العمرة في موسمه الدراسي الجديد، فنصحته بخياط فصّل لي من قبل هذا الدرع الأبيض وقد بدا لي حينها مقبولا.. فاتفقنا مع الخياط الذي حاز من قبل جائزة نوبل للعلوم المتأخرة، على استلام البضاعة بعد يومين، وقدمنا له عربونا كي تتم الصفقة بعيدا عن عدسات الكاميرا..

وبعد اليومين اقتحمنا عليه المحل لنجده بكل جلاله وأُبّهته لم يبدأ بعد حتى تحضير قطع القماش الذي أكد لنا أنه حصل عليه بصعوبة من تجار الأقمشة عبر الحدود، طبعا هذا التأخر أثار صديقي جدا، وألبسه قرنيْ ثور متقاعد، هنا تدخلت لأصلح هذا الكسر، ورسمت موعد المباراة القادمة في الغد صباحا على أن يخيط المئزر المُقدس ليلا، وهو ما أكده لنا الموقر "خياطينو"..

في اليوم التالي قصدنا هذا الوكر الذي تُعشش فيه جميع الخيوط الوقحة، ونحن نحمل حقائب التفاؤل بوجود المبتغى، لكننا ألفينا العار منطرحا على طاولة الخياط.. مئزر هُتِك عرضه، لا أزرار ولا أكمام، وأما العنق فمسفوح الدم.. يعني الحبيب لم يكمل العمل؟؟ شعر صديقي بنوبة إحباط شديدة، جعلته يشعر بالجوع حقا.. ارتدى هذه الفضيحة للتأكد من المقاسات، ثم طـُلب منا القيام بجولة لا تتعدى الـ10 دقائق حتى نجد بعدها مولودنا الوسيم..

قمنا بجولة خفيفة لنعود إليه ونجده في حالة تلبّس بالفعل المخل بالحياء مع سروال جينز، والمئزر المسكين مرمي على أحد الكراسي المُعوّقة.. هنا لم يبق مجال للشك إنها خيانة.. لحظة دخولنا المحل، انهال على المئزر وخزا وبسطا ليتم العمل تحت وقع توبيخات "مُنقـّبة" منا.. كما حملته المسؤولية كاملة أمام الهيئات التي اطلعت على الواقعة ساعتها..

وأثناء وقوفنا عليه ليتم عمله تحت ضغوطاتنا، وفـَد عليه أكثر من زبون لأجل تصليح سروال أو قميص.. المهم جميع أولئك وعدهم بالحضور بعد ربع ساعة بالكثير.. يعني نفس النظرية التي اتبعها معنا.. بالمناسبة، لم ينجز هذا الخياط ولا عملا واحدا لأي زبون وعده بالعودة، بل تهكم بوعوده المكررة مع كل من يأتي إليه..

أنهى الخياط عمله الفني، ولكن دون أزرار ليرسلنا إلى محل آخر كونه لا يملك آلة الفض والإيلاج.. فحملنا المئزر واتجهنا به إلى الضفة الأخرى.. والمفاجأة أن الوجهة التي أخبرنا عنها لا تملك آلة لذلك "الفعل".. فعدنا خائبين إليه راجين منه الفض والإيلاج التقليدي بأزرار عادية وليست "بوطونات" كما يسميها شبقيو الخياطة..

لاحقا عندما أخذ صديقي المغرر به مئزره إلى البيت، وجد الجيبين مختلفين في مكان وضعها.. يعني جيب مرتفع وآخر منخفض حسب مدار الجدي الجربان.. وتوته توته خلصت الحتوته..

معمر عيساني.