آمنوا بالقوة الضاربة!

           لا تلوموا رئيسكم إن قال أننا أمة خارقة وأننا شعب الله المختار! لا تلوموه إذا ما أخبركم أنكم قوة ضاربة بعد أن نجوتم من العصابة الناهبة.. صدقوه فإن الشعب واهم لا يعي غير حرفته!

خطابات الرئيس عبد المجيد تبون تفضي لخيارين: إما أن الرجل موغل في وطنيته حدّ التصوف والدروشة، وإما أنه مغيب وسط حاشية كاذبة متملقة، وفي كلتا الحالتين مآخذ سيادة الرئيس بسطحية اطلاعه على واقع البلد، وهو ذاته يستغرب من ارتفاع الأسعار ووقوع حوادث متواترة تمس استقرارنا!

دون كل هذا قد يرى تبون غير ما نراه بعيون نفتقدها! وهذا يتماشى طبعا مع فكرة طاعة ولي الأمر، وسذاجة العامة التي لا تدرك عمق الأمور.. فقد يكون في ارتفاع سعر البقوليات سِرّ لا يعيه إلا أولو النهى، وربما في حرماننا من سرعة تدفق الإنترنت، وصعوبة اقتناء السيارات منفعة لنا نجهلها ظاهرا! ولا ريب أن لهيب أسعار الدجاج والبيض ومختلف اللحوم يقينا من أمراض كثيرة!

ما تسير عليه الجزائر اليوم مهّدت له فئة تبرر كل شيء، وفئة أخرى تتأقلم مع كل الأزمات مقابل استقرارها الاجتماعي بأي شكل كان.. وفئات لا تعي إلا الترف و"النافيقاج" و"البريستيج" والعيش كالفطريات.

لا ننفي أن الأزمة الاقتصادية التي نعيشها في بلادنا هي امتداد للتداعيات العالمية جراء تغير موازين القوى، وتفشي فيروس كورونا، ولكن السؤال الكبير: ماذا أعدّ المسؤولون للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر؟ ولما لم تشرع الحكومة في اتخاذ خطط بديلة لإنعاش الاقتصاد الداخلي، والاعتماد على ما نفلح في إنتاجه وتطويره؟؟ وكيف ندعي أننا في الجزائر الجديدة ولازالت الإدارة تسير بنفس ذهنيات العرقلة والبيروقراطية والرشوة والمحسوبية!!

حقا يمكن أن نكون قوة ضاربة ولكن ليس الآن! وأخشى أننا في الطريق الخطأ، فتموقعنا لا يبشر بخير، فكأنما ننهج درب دول اعتزلها العالم أو حاربها!! مثل كوريا الشمالية وإيران وسوريا والعراق بالأمس القريب! طبعا أنا لا ألمح إلى ضرورة إباحة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ولكن الإمعان في قطع العلاقة مع المغرب كان من الممكن أن يكون بوجه أكثر دبلوماسية، رغم أن الرباط تنحو سلبا اتجاهنا منذ عقود.

لطالما آمنت بمشروع الجزأرة في مفهومه القائم على خصوصيتنا ومقدرتنا على نكون قوة ضاربة حقا، ولكن ريثما نصل لتحقيق هذا المشروع العظيم نحتاج الجيل المتشبع بحب الإنجاز، والنخبة المؤمنة بالتضحية والولاء للوطن لا للجيب، والمؤسسات المطهرة من التخلف والتبعية، وحينما ستحدث المعجزة الجزائرية.

                                                                                                                 بقلم / معمر عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة