المشاركة في الانتخابات بين السلبية والإيجابية!

 


أصبح لزاما على الجيل الجديد "افتراضا" المشاركة في غمار مختلف المواعيد الانتخابية، لإعلان القطيعة مع معالم الحكم السابق الموسوم بحكم العصابة، ولكن حالة الامتناع واللاثقة لازالت تحرك كثيرين "بل تقعدهم" ومنهم أنا، فلماذا لم تتغير مواقفنا؟!

لا أنكر أني أصبحت سلبيا لحد بعيد في التعاطي مع فعاليات المجتمع المدني مؤخرا، لا لشيء إلا لتجارب أوصلتني درجة "التخمة" من النفور والتولي عن بعض النخب وأشباههم.. وقد تكون مصيبا عزيزي القارئ إن قلتَ أني لم ألتق الفئة الصحيحة أو أني لم أكن في مستوى تطلعات الواقع!  لكنه قراري الذي سآوي إليه حين يشتد سُعار "الهف"!

منطلق الترشيحات التي تؤرخ مخاض أول برلمان بعد الإطاحة بحكم جماعة "وجدة"، يعود لفلول من كان منتسبا بالأساس لمنظومة "الحكم البوتفليقي"، فهؤلاء لم يستسيغوا فكرة إقصائهم من المشهد السياسي فأعادوا تشكيل صفوفهم ورسكلة وجودهم في أي "تمسخيرة" يمكن أن يستهلكها الرأي العام، كما نجد إلى جانب هذه الديناصورات، نخبا عُرفت إعلاميا عبر القنوات التلفزيونية أو شبكات التواصل الاجتماعي، فدفعتها شعبيتها إلى نوع من الثقة الزائدة في تزكية الناس لها، فظهرت كبديل لمن احترقت ورقته في بورصة الانتخابات.

 إن هؤلاء الوافدين الجدد إلى مضمار السياسة يحدوهم الأمل في إحراز طموحاتهم الشخصية التي قد تتجاوز الراتب والحصانة إلى البهرج الإعلامي والتنمر "الطبقي"، مع الإبقاء على فرضية انتمائهم لفصيل عميق يوظفهم لضمان استمرارية ذات العقيدة المتوارثة في الجزائر منذ الاستقلال!

 وحتى لا نبخس الناس أشياءهم ونضعهم في كفة واحدة، فإن منهم أهل الشهامة والرغبة الصادقة في خدمة الوطن، ونصرة المواطن، لكنهم برأيي قد يفتقدون لأدوات العمل السياسي! فالسياسة دهاء وعلاقات متشعبة بين رجال المال وجذور الإدارات، ودواليب الحكم وتوازنات الداخل وإملاءات الخارج، ومشيخة الزعامة "المتكولسة"! ورغم ذلك فهؤلاء الأنقياء يكفيهم شرف المحاولة.

هذا عن المترشحين، أما عن الناخبين فهم قد كفروا بكل العملية الانتخابية، وقد جرّدوها من النزاهة ولن يكلفوا أنفسهم عناء الانتظار والأمل في جزائر جديدة، إنهم موقنون أن مصيرهم استمرار تدهور الدينار وتدني القدرة الشرائية وتعطل المشاريع العمومية وتفاقم الأزمات الاجتماعية، ورداءة الصحة والتعليم.. بل إن رجاءهم "القارب السريع" الذي سيدفعون من أجله 70 مليون مقابل وصولهم إلى جنة أوربا!

هؤلاء لن يكون إقبالهم على صناديق الاقتراع إلا نوعا من رد الجميل لمرشح ما من عائلتهم أو أصدقائهم، أو من له فضل قديم عليهم. ومنهم الذين قبضوا مقدار أصواتهم مالا، وأضف إلى ذلك فئات من الجهلة، أو المؤمنين بانتماءاتهم الحزبية والجماعية والإيديولوجية بعيدا عن الانتماء للوطن وخدمة المواطن.

لأجل كل هذا سأنأى بنفسي عن هذا العرس الانتخابي أو المنعرج التاريخي أو الحدث الوطني الضخم أو أي شيء مما يسمون به الانتخابات في نشرة الثامنة.. وسأركن إلى "المافيهاش" في انتظار إنجازات الفائزين بمقاعدهم في مبنى "زيغود يوسف".

 

بقلم | معمر عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة