لأجل الرجال..



نحن لا نقدس الشخصيات، بل نعتز بمكانتها وما تمنحه للخلائق من مبادئ وتضحيات.. هكذا هي عقيدة كل ذي عقل ووعي في هذه الحياة.


ساءني ما بلغته الرداءة في وطن لا تليق به الدركات وصنائع السفلة الموبقات.. أن ترى عُرّة من حازت لها صدف الظهور أن تطال شيخا محترما بتغوّطها الذي ما كان لنا أن نسمعه ولا نستمعه، لولا أن هذا الوطن أعطى المواخير حق الرأي والإدلاء، وألبس وارديها لباس الحِجا!! 


الدكتور محمد الهادي الحسني الذي كرس حياته للعلم وبث أنوار الوعي والدين في ربوع الجزائر لا يمثل نفسه فقط، ولا تأخذنا الحمية عليه هو لذاته، وإنما لما يمثله من قيمة مرجعية دينية وثقافية، وجب الذود عنها وتبجيل إنجازاتها وتكميم من سولت له نفسه مجاراتها.. لأننا بهذا الحزم نحفظ حق الرجال ونصون هيبة الأمة، ونبيد من لا نفع فيه إلا النباح دون القوافل الغادية.


ولا يمكننا أن نتجاوز خبر وفاة المجاهد لخضر بورقعة، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته، الذي بدوره لا يعتبر مجرد رقم لدى وزارة المجاهدين، وإنما موسوعة تاريخية وبوتقة للحقائق المغيبة في ثورة التحرير.. ورجلا تشبّع بالمبادىء يوم زهد أشباه الرجال في قول كلمة حق أمام شعب مغفل!


ما عزّ في هذا الوطن حفظ حقوق أهل المكانة من ذوي العلم والنضال.. العلماء والمجاهدون ومن حق فيهم نعت الرجال.. أما غير ذلك فغثاء سيل يحسب كل صيحة عليه. يبثّ سموم العلمانية والخيانة والولاء لفرنسا، ويودّ لو أن البلاد صُيّرت له فيقدمها قربانا لأسياده! 


حقا نحن على مفترق طرق.. إما أن نحيد ونتخلى عمّن ضحى لأجلنا وكان يلزم عرين الدين والهوية والحرية، وإما أن نستسلم لعدو الداخل الذي زهد فينا لأجل عدو الخارج.. وهذا لعَمري ليس بهيّن في مرحلة القابض فيها على الحق يداه مكبلتان ورجلاه في زنزانة ظلم وقهر، والغِرّ الجاهل الخانع يُعليه الإعلام والمنصب بحكمة ورجاحة مكذوبة، مدفوعا بالمال والقانون الجائر.


#معمر_عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة