بطلان الشماتة وأكذوبة الشفقة


كثيرون علقوا على ظهور الوزير الأول السابق "أحمد أويحيى" مكبل اليدين في جنازة أخيه "العيفة"، وأكثرهم عبّر عن شفقة وتأثر حيال شكل "أويحيى" الشيخ المستكين! لدرجة أن وزير الاتصال "بلحيمر" انتقد تصوير وسائل الإعلام لهذا الحدث بتلك الطريقة غير الإنسانية! ولكن هناك تداخل كبير، وإفراط في العواطف وإلغاء لحقائق جليّة.

"أحمد أويحيى" الذي يخضع لمحاكمة تاريخية لم يعهدها النظام الجزائري، يمثل أسوء فترات البلاد منذ استقلالها، هذا الرجل له مسؤولية واسعة عن غرق الآلاف في البحر المتوسط، وهم يريدون الفرار "حرقة" من الفقر واليأس الذي ألمّ بشباب الجزائر، وجعل الإحباط يملؤ أفكارهم، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وسيجارة "الزطلة" بين إصبعيه.

"أويحيى" في التسعينات غلق مصانع وشركات عمومية وأدخل الآلاف جحيم البطالة، وكان سند العصابة الذي تتوكأ عليه حين تصيب مغانمها من هذا الشعب المغشي عليه من العوز والرهبة.

رجل المهمات القذرة، هكذا يُسمى وقد كان فعلا في مقام "هامان" يعين "فرعون" لاستبعاد القوم، ويكفي سوء ذكره لدى موظفي الدولة الذين حُرموا بسببه من زيادات أخّرها سنوات، وأتت بدراهم معدودة.

ألا يكفي من شَعَر بالشفقة اتجاه هذا الرجل أن يُحجِم عن ذلك حين يقرأ كل هذا، وماخفي أعظم في الأرصدة والممتلكات المستغلة! ألسيت قلوب الثكالى اللواتي فقدن فلذات أكبادهن في البحر أولى بالشفقة! أليس خريجو الجامعات البطالين المحبطين أولى بالشفقة؟ ثم أين كانت هذه الشفقة حين استخسر هذا الرجل علبة ياغورت في حق شعبه؟؟

وللذين أعجِبوا بشهامة "العيفة" _رحمه الله_ في دفاعه عن أخيه، أقول أن صاحب المبدأ والإنسان النزيه لا يقف مع الظلم والفساد أبدا، وهو ذاته يثبت سوء أخيه رئيسا للحكومة في مواقف سابقة.. ولنا في زوجة فرعون ونوح مع ابنه، ولوط مع زوجه خير مثال للتبرؤ ممن اتخذ الظلم والفساد سبيلا.

أنا لا أشمت في استكانة "أويحيى" ولا موت أخيه، ولكن هذه التراجيديا أهلكتنا يوم كان "بوتفليقة" يبكي رفقة وزارئه، فأي دموع استفادت منها الجزائر، ونحن نتجرّع نتائج الخراب الذي عصف بكل مُقدّرات البلد وخيراته؟

#معمر_عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة