متى ينتهي الحراك؟


 أتم الحراك الشعبي في الجزائر عامه الأول، منهيا حقبة بوتفليقة التي جثمت على تاريخ البلد عقدين كاملين، ومولجا عصبة التوفيق وطرطاق والسعيد السجنَ، وعقبهم سلال وأويحيى ووزراء حكوماتهم الناهبة الفاشلة.. أتمّ الحراك عامه الأول، ولازالت ألسن الناس وعقولهم تتجادل وتتقاذف الأفكار والأهداف في خضم أكبر نفرة شعبية عرفها قلب شمال إفريقيا.

لم يعرف الحراك إجماعا عليه منذ البداية، فكما روّج له "الخائبون" عشية انطلاقه بأنه صناعة صهيونية لتمرير الربيع العربي وفوضاه إلى الداخل، بغرض إبقاء السبات والسكوت عما يقترفه اللقطاء في نهب الثروات ووأد التنمية، عرف الحراك أيضا صوت أبواق الذين قالوا بأنه اُخترق وأصبح بيد المفرنسين حينما بلغ النضج، وحمل كثيرا من النعوت التي ما أنزل الشارع بها من سلطان! بل أُلحِقت به مكرا وتفريقا!
ولكن لا يمكن أن نسلم بالبراءة وخلو هذا الحراك المعجز في سلميته من أي كولسة! فليست الجزائر بخشبة المسرح التي لا يرتقيها إلا الممثلون، إذ فيها أهل الديكور وصاحب النص والمخرج، وهتاف الجمهور الذي قد لا يعي إلا ما تقدمه نشرات الأخبار من مشاهد مبتورة أو موجهة! فالحراك حق قد يُراد به باطل وخذلان لآمال الشعب المكوي بنار الخائنين الغادرين لأمانة الشهداء.
نجح الحراك في إقناعنا بأننا موجودون كشعب واع! ونجح في كسر قيودنا التي أحكم غلقها جمر التسعينات! كما نجح في تغيير معظم وجوه النظام على شاشات القنوات، إلا أننا ننتظر تغيير الجذور التي أبقتها العصابة! جذور الفساد التي تغلغلت في دهاليز الإدارة الجزائرية وصولا إلى عقلية المواطن البسيط الذي يؤمن بـ"المعريفة" حتى في حصوله على كيس ماء أبيض بطعم الحليب!
انتهاء الحراك سيعيد النظام لبحبوحة السلطة وممارستها البشعة في حق الرعية! انتهاء الحراك، يعني أن أهدافه اقتصرت على مرحلة محدودة بمحدودية الوجوه التي تغيرت، وليس بتغيير الاستراتيجية المبتغاة لبناء البلد! كما أن الحراك لا ينبغي أن يبقى كرنفاليا في الشوارع، دون أن يمتد إلى روح العمل والاجتهاد والتغيير في عقلية الجزائري بهدف التفعيل والإنتاج والتطور، وتكريس ثقافة الإيجابية في التعامل وممارسة الخدمات بأنواعها، فهنا حقا سنقطف ثمار الـ22 فيفري ونحن فرحين بنضج الوعي، وقتل الرداءة.

بقلم | معمر عيساني


تعليقات

الأكثر قراءة