المصداقية و"الغولة"



أقاموا مسابقة لاختيار شبيه شارلي شابلن أيام شهرته، فتقدم كثيرون يحاكون شكله للفوز بالمرتبة الأولى، وكان ضمنهم شابلن ذاته! لكنه احتل المرتبة الثالثة في مسابقة اختيار شبيهه!!

عند الحديث عن المصداقية لابد من إطفاء مصابيح المنطق، وتغليف العقل في كومة ورق! فلا مصداقية حقيقية في ما نعيشه لو تدبرنا حيثيات أغلب ما يجري! فأنت بانضمامك لقطيع من المترشحين لأي مسابقة، ستجد نفسك مع عشرات الموصى عليهم، وعشرات آخرين بين الغش والحظ واتفاق الأسئلة مع ما حصّلوه من معارف مسبقة (لا تعني بالضرورة أغلب ما في الاختصاص)، كل هؤلاء سيتمخض عنهم من يفوز بالجائزة أو المنصب، فهم مؤكد أنهم لا يعنون الأفضل والأجدر!
المصداقية التي يدعيها الإعلام محض هراء، فلا صاحب المؤسسة بما ينفقه من ملايير، جاهز لتسويق آراء غيره وما لا ينفع مصالحه لأجل الصالح العام! ولا الواقع كما هو مصور فعلا، لأنه جانب قاصر، اختزل تفاصيل أكثر قد لا نُجليها.
السياسيون الذين يريدون إقناعنا أنهم يفكرون في مستقبلنا، ويضحّون بملايينهم في الحملات الانتخابية لأجل تحسين وضعياتنا الاجتماعية وإيجاد تنمية اقتصادية ثقافية لنا، في الوقت الذي ننام فيه أو نشاهد mbc2، هم لا يملكون من المصداقية شبرا، فلا هم دراويش ولا نحن بحمقى!
الإدارات التي تسعى لتحديث منظوماتها و"أنسنة" معاملاتها مع المواطنين، صعب أن توهمنا بأن المسؤولين فيها من الملأ الأعلى، لا يميلون لكفّة، ولا يهنون أمام الدرهم والدينار!
عندما ندرّس أبناءنا مفاهيم المصداقية، لا ننسى أن نذكرهم بأنها مثل حكايا "الغولة" التي كانت تقصها علينا جداتنا، فلا فرق بينهما، فكلاهما لإخافتنا ودفعنا للنوم والتغييب عن الواقع.

بقلم / معمر عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة