معمر عيساني في حوار: الأنشطة الثقافية لا يُدعى إليها إلا المتردية والنطيحة من الكُتاب!


       يتساءل الشاعر والمدون معمر عيساني في لقائه مع الحوار” عن سبب صرف ميزانيات ضخمة لمديريات الثقافة في مختلف الولايات التي لا تقوم بدورها في إحياء الحياة الثقافية واستثمار الطاقات الشابة المبدعة، واتهم محدثنا القائمين على الثقافة في ولاية الشلف بالتكريس للرداءة من خلال أسماء أصبحت تحتكر المنابر

  • لا يُفوت معمر عيساني مناسبة ثقافية أو ظهورا إعلاميا إلا ووجه سهام النقد واللوم للقائمين على الشأن الثقافي بالشلف، هل لك أن تشرح لنا دوافع ذلك؟
سأبدأ من أول موقف جمعني بهذا الكيان “المقيت” في أغلب ولايات الوطن.. حينما وضعت ملفي في مديرية الثقافة لولاية الشلف قبل سنة، قال لي الموظف أني سأُدرَج في “إحصائهم” لا غير! وعليّ الاجتهاد والاعتماد على نفسي عبر الفايسبوك والعلاقات الشخصية في إيجاد فرص للمشاركة في الفعاليات الأدبية.. حسنا، لو كان الأمر كذلك فلماذا تتكبد الدولة عناء صرف الملايير على هذه المديريات؟؟ في الشلف كغيرها من الولايات تُنظّم دوريا أنشطة ثقافية لا يُدْعَى إليها إلا المتردية والنطيحة من الكُتّاب الذين أصابهم العرج والغنج والخمج.. ومع احترامي لهم جميعا إلا أني لا أؤمن باحتكار المنابر وأكفر بتقديس الشخصيات وألعن الباحثين عن “الخبز” بجُلّ إبداعاتهم.. أنا لا أنفي “التكسّب” بالشعر وهو معروف منذ جاهلية العرب وعصور الإسلام، لكنه ليس مبررا لتكريس الرداءة، فلو كنتُ مقتنعا بما يُعرَض من منتج أدبي في المنابر الرسمية لَمَا تكلمت ببنت شفة، لكنني لا أستطيع كتم غيظي وأنا أرى الرعاع بربطات عنقهم ونياشين النخبوية المزوّرة ينصّبُون أنفسهم سلاطين الحرف وهم يجهلون الرفع والنصب والجر! في الشلف على سبيل المثال لا الحصر أكثر من 500 جمعية ثقافية فهل سمعت بنشاط ثقافي ناجح ؟؟ العام الماضي استبشرنا خيرا باستضافة المخيم العربي للشعراء الشباب لكنه كان مهزلة كبيرة ولم نجد فيه أي ثمار نجنيها لنقول إننا شهدنا ما يشهده المحظوظون في دنيا الإبداع.. لازلنا مناسباتيين، لازال أولئك المحشورون في الأسابيع الثقافية يهرولون لنيل وجبة إضافية وكأس من “القازوز”! عيب وعار أن أرى الفنان يبيع نفسه لأجل “رَكبة” ومبيت وصحن من السمك، ويُسَخّر كل معارفه واتصالاته لنيل ذلك الوطر!! أنا لا أريد من مديريات الثقافة إلا فسح المجال للمبدعين الشباب في شتى الميادين، لا أريد لهذا المجتمع إلا أن يطّلع على النصوص القيّمة واللوحات الجميلة والعروض الباهرة والإبداع الراقي الواعي لنصل إلى درجة من التحضر المساهم في تطور البلاد إجمالا. قبل الانتهاء من الإجابة أستبشر خيرا بتجديد منصب مدير الثقافة هنا في الشلف.. كما أؤكد أن نجاح الثقافة لا يعتمد على شخص واحد بل هي مسؤولية الجميع انطلاقا من بَوّاب المديرية إلى الشاعر المدعو لأي احتفال 
  • عمدت إلى إطلاق عدة مبادرات ثقافية على غرار لقاء الشعراء، رحلة ثقافية ومكالمة، هل تعتقد أن مثل تلك المبادرات كفيلة بمحو التهميش والقطيعة المفروضة على المثقف في الشلف؟
كما قلت لك.. قال لي موظف مديرية الثقافة اذهب إلى الفايسبوك فإن به أصدقاء لا يظلم عندهم مبدع! وفعلت.. وكانت البداية بـ”سنقرأ في رمضانبرعاية المكتبة الولائية للمطالعة العمومية، حيث أطلقت حملة للتشجيع على القراءة في شهر رمضان، وقد لقيت المبادرة استحسان عدد من رُوّاد المكتبة والإعلام الصيف الماضي، انتقلت بعدها إلى “لقاء الشعراء” وهي المبادرة الأولى وطنيا والثانية عربيا بعد “أمير الشعراء” في “أبوظبي”، وجَمَعَت عشرة شعراء في سلسلة فيديو عبر اليوتيوب، شهدت تنافسا مميزا لنيل لقب “سيد اللقاء”، وقد رعت النشاط دائما المكتبة الولائية، وتزامنا مع معرض الكتاب الدولي في الجزائر العاصمة أعلنتُ عن انطلاق مبادرة ثالثة سبّاقة في الوطن وهي “رحلة ثقافية” حيث زار أكثر من 30 مثقفا ومبدعا ومهتما 4 ولايات ضمن رؤية إعلامية ساهمت في التعارف بين هؤلاء المتحمسين للنشاط في الشلف وعدد من المثقفين في ولايات أخرى، وتخلُص كل رحلة إلى إنتاج فيديو توثيقي بمواضيع مميزة كالإبداع وحُبّ الرسول صلى الله عليه وسلم واللغة العربية.. وكل الرحلات موجودة على صفحتي عبر اليوتيوب. ولازال المشروع قائما وأسعى لتطويره من حين لآخر.. وحاليا أعكف على المبادرة الرابعة وهي “مكالمة” حيث حاورت 15 شخصية معروفة عبر الفايسبوك والجرائد والإعلام المرئي في قضايا مثيرة دون سابق معرفة بذلك من الضيوف في أعمال راقت المشاهدين عبر الإنترنت وحشدت زخما إعلاميا ناجحا حقا ولله الحمد.. طبعا لازال في جعبتي الكثير من المشاريع ولحد الآن لست إلا شخصا واحدا لا تدعمني أي جهة أو مؤسسة باستثناء “سنقرأ في رمضان” و”لقاء الشعراء”، وغيرت نظرة الكثيرين عن الشلف”، وأكدت أننا نستطيع إحداث الفارق دون الاعتماد على مديريات الثقافة النائمة والفاسدة!

  • معمر عيساني مدون أيضا، حدثنا عن تجربتك في هذا المجال؟
بدأت التدوين الإلكتروني منذ سنة 2008 عبر مدونة خاصة بي ولازلت في هذا الطريق الطويل الممتد بكثير من الأفكار، كانت تجربة رائدة حقا عرفتني على كتاب ومدونين كثيرين في الجزائر ومصر والسودان والمغرب والسعودية.. ما أروع أن تكتب مقالا في بيتك ليقرأه المئات عبر العالم. والتدوين كان السبب الرئيس في انتقالي من الشعر إلى المقال وإنتاج الفيديو.

  • ما الذي يستفز معمر عيساني كشاعر ومدون؟
يستفزني الذي يدعي أنه من النخبة ويضع بينه وبين العامة حدودا ويترفّع عن غيره كِبرا وجورا.. يستفزني الأناني الذي لا يهتم إلا بنفسه ويحسد الآخرين على ما آتاهم الله من فضله، يستفزني الذي يتصل بمديرية الثقافة ليحجز لنفسه مكانا في نشاط ما لأنه به وجبة سمك أو كسكس بالعسل! يستفزني الشيوخ الذين يزاحمون الشباب ويدّعون أنهم يعرفون كل شيء.
حاوره: سمير تملولت
------------------
تم النشر في العدد 2780 الصادر يوم الإثنين 02 ماي 2016 في الجزائر

تعليقات

الأكثر قراءة