2016: هل نحن جاهزون للفوضى؟

كثير ممن يرى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر ينتظر "ثورة ما" أو لنقل أحداثا تغير الساحة الوطنية "العامة" تزامنا مع تغييرات القمة وتصفية الحسابات الحاصلة بين أحباب الأمس، أولئك الذين حاكوا مصير الوطن على مقاسهم.. التقشف وارتفاع الأسعار ضدّين يجعلان من المواطن سلعة بيد المضاربين وأرباب التجارة، ويهيئه لأن يدخل مرحلة أخرى لم يعهدها منذ تسعينيات القرن الماضي.. فهل هو جاهز للفوضى أم لأمرٍ دُبِّر بليل؟!

ليس من الصعب إشعال الفوضى في أي بلد، كما أنه من السهل جدا استثمار الاضطرابات الأمنية لصالح حزب أو جماعة على حساب المواطنين الذين يُذهِبون أيامهم في الشقاء حتى ينعم أسيادهم.. ولكن الجزائريين وصلوا بطريقة أو بأخرى إلى حالة من الإشباع "بالرضى" والقبول بأي شيء مقابل استمرار الأمن، فقط لأنهم يعرفون ضريبة أي انزلاق قد يحدث، وهم بالأمس القريب اكتووا بنار الإرهاب وتقطيع الرؤوس!
النظام الجزائري الذي هو في الأصل مجرد "مسير أعمال" لا يمتّ بصلة إلى روح التخطيط الاستراتيجي أو صفة "القائد الرشيد" لا يهتم بمعرفة الحال النفسية للشعب، فهو زاهد في التفكير إن كان "الغاشي" قابلا للتمرّد أو راض بكل ما يحدث وما سيحدث، ولعل أكبر دليل على ذلك الحد من نشاط جهاز المخابرات.. حكام البلد منشغلون بتعبئة أرصدتهم فقط دون أي همّ آخر، وفي الحقيقة أنا لا ألومهم!
الوقت الصعيب جاي..
قوم بعد فتنة قتلت الآلاف منهم، تراهم يتبارز فيما بينهم لهضم حقوق بعضهم البعض، والتفاخر والمباهاة على حساب آلام غيرهم، هم قوم لا يستحق عدلا ولا "حوكمة".. قوم ينفق الملايين لاقتناء أجود الملابس والسيارات وملء البطون لن يضره التقشف ما دامت الجيوب منتفخة! فجميعهم يشتكي سوء الحال وتجد الطوابير في أسواق السيارات ومحال الذهب واللحوم والماركات العالمية.. كلها أمارات "ترف" معلن أو غير معلن.. أهمّ ما في الأمر "الشعب لاباس عليه".
أنا لا أغبط هؤلاء على يُسر معيشتهم، ولا أريد "المزيرية" ولكنني أستاء أيما استياء للطبقية التي أحرقت روح الأخوة، وجعلت الغني القوي "مول الاكتاف" لا يهتم بابن الريف المحروم والفقير المستهدف برفع سعر الخبز والحليب.. من العيب والعار أن يعيش في نفس الشارع محتار في شراء حذاء ومنفق للملايين في الملاهي آناء الليل وأطراف النهار.. لن نعترض على سنة الله في خلقه.. لكننا نعترض على نوعية من "المرفهين" الذين فرّختهم عهدات البترول وأموال الخزينة العمومية و"الشكببة".
بيئة مثل هذه لن تكون جاهزة للفوضى ولا للاعتراض على رداءة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، بل إنها جاهزة لنعي الفقراء وختم أيامهم بالسواد القاتم مادامت الحكومة والنقابات ورجال الأعمال وحتى الإسكافي و"الماصو" يتآمرون عليه.. لا نريد الفوضى لا نريد قل النظام ـ ومجددا نحن لا نملك نظاما ـ نحن فقط نريد الوعي والإحساس بمأساة من نسيهم الحظ في زمن السرقات.

بقلم / معمر عيساني.

تعليقات

الأكثر قراءة