لاجئ سوري يُهين الجزائريين

بعد أداء صلاة المغرب في المسجد، وقف بتعجّل داعيا الله أن يتقبل صلاتنا، وعرّف بنفسه: لاجئ سوري من مخيم "سيدي فرج" بالجزائر العاصمة ، يشكو حاله، ويقول أنه دون مأوى رفقة عائلته.. ليطلب سكنا شاغرا إن أمكن حتى يأويه حينا من اغترابه.. لحظاتٍ وأخرُجُ لأجدَه على عتبة المسجد يجمع بعض الصدقات، وجواز سفره بختمه المشؤوم من بلاط "آل الأسد" على صدره كنيشان يبرز هويته الضائعة..

لا أمانع وصول إخوتنا السوريين إلى بلادنا طلبا للمدد وقت ضيقهم هذا.. نحن نرحب بهم كما رحبنا بالماليين والنيجيريين والليبيين وحتى الأكرانيين والأكرانيات إن أرادوا قدوما، ولهم في "البوليساريو" أسوة حسنة.. ولكن توجد ملحوظة وحيدة وبسيطة.. إلى أين سيذهب لاجئو الداخل.. نحن الجزائريين، الذين ـ ودون حرب أو أية أزمة ـ، ليس لدينا لا سكن لائق، ولا برنامج صحي شامل لأبناء الوطن، ولا هيئة تربوية يُعتمد عليها في تنشئة الأجيال القادمة..
جميعنا يعرف مدى الفاقة التي تعيشها فئات واسعة من هذا المجتمع.. وهي بقدر ما تتمزق ألما وعنصرية أمام أبواب الإدارات والمصالح العمومية، تملأ عيونها بالترف اللعين الذي يعيشه آخرون من نفس المجتمع، ممن لهم سند من "المعريفة" و"التشيبة".. فالضيق ضيقان، والألم آلام.. مُدن بأكملها تعيش في العشوائيات، بيوت من القصدير، انعدام تام لشبكة الصرف الصحي، ولا يوجد أي تزويد بالماء الشروب أو حتى الكهرباء والغاز، وهنا تأتي اجتهادات الأفراد لمن استطاع إليها سبيلا..
لا ننفي ضخامة المشاريع السكنية التي تقام بعرض الوطن وطوله، إلا أنها فاشلة لحد بعيد، مادام الحاصلون على سكنات هذا العام، يملكون "كوطة" إضافية في القوائم اللاحقة، بحكم حاكم أو تقدير قادر.. والنتيجة كارثية على جميع المستويات.. أجلـُّها كفاح الشباب وجهادهم كما جاهد الرعيل الأول بأمس 1954م، لبناء غرفة تضمن لهم عملية استمرار نسلهم لا غير..
أعتقد أن هذا اللاجئ السوري "المحترم" قد أهان كثيرا من الجزائريين، بوقوفه أمام الملأ ومطالبته المواطنين بسكن شاغر له، وكأننا حققنا الاكتفاء الذاتي في توفير السطوح لبني جلدتنا.. أو أن الجزائر حقا أصبحت دولة متطورة من العالم الأول وأنا لست على دراية بالموضوع.. عموما، لست ضد أي سوري يطأ هذه الأرض.. الكل مرحب به حتى اليهود، إن لم يمكروا مكرا.. فقط أبحث عن محل لإعراب تلك الملايين المُمليَنة من الجزائريين الذين يستحقون وصف "اللجوء" الداخلي لسوء ما بُشروا به في سجلات ولادتهم..

بقلم / معمر عيساني.

تعليقات

  1. كلامك منطقي وواقعي إلى أقصى الحدود

    ردحذف
    الردود
    1. هو الواقع أخي عزيز.. للأسف.. أنا أرجو عودة الأمن لسوريا في أقرب الأوقات إن شاء الله

      حذف
  2. صفاء8/6/14

    الله يسهل لاخواننا بسوريا ويرجعلهم الأمن يا رب .. واقعي دائما تحياتي .. أستاذ

    ردحذف
    الردود
    1. نحن نحب اخوتنا السوريين ولكن نكاد نشعر باغترابنا ـ نحن الجزائريين ـ داخل الوطن

      حذف
    2. صفاء17/6/14

      صدقت في هذا .... فالاغتراب في وطني ليس بالجديد بالنسبة لي ... في كل مكان أجد نفسي غريبة لعلي يوم ارحل وادخل .... أتشبه بمن هم حولي ... تحياتي

      حذف
    3. الوطن يعني الحضور والمشاركة

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة