غزة تغرق.. في الظلام.. في الماء.. في الخيانة

     تمر السنين.. وتبقى غزة لوحدها بوجه العِداء الصهيوني أمام تخاذل العرب، وصمت العالم المطبق.. غزة في زمن الثورات الشعبية لم تعد تلك القِبلة التي يهَب لها الحُماة انتباههم ودعوات صلاتهم.. غزة لم تعد أهم ما في نشرات الأخبار.. غزة لم تعد تستحق إحراق علم أو علمين لإسرائيل وأمريكا.. غزة أخذت جزاء سنيمار باختيارها درب المقاومة والوقوف في وجه المطبعين مع المحتل والخادمين لتل أبيب.. أما شعبها فهو المسكين المغلوب على أمره في كل حال من يوميات حصاره.

 تعيش غزة هذا الشتاء أكثر الأيام برودة منذ عشرات السنين.. غزة دون غاز ومحروقات.. غزة لديها عجز كبير في الكهرباء والتموين بالأساسيات... وغزة لا تملك حتى مستشفيات قادرة على إسعاف أهلها من سوء بطش اليهود بين فكي حصار الداخل وحصار "مصر السيسي"..

غرقت شوارع المدينة الحزينة في مياه الأمطار الغاشية لسمائها.. والبيوت اكفهرت غـُرفها بالوحل والبَلل القاسي.. الأطفال والنساء ليسوا الآن لوحدهم ضعافا مستضعفين.. حتى أولئك الشباب أولي القوة والفتوة لم يجدوا أمامهم مخرجا لوضع السوء الذي يعيشونه.. أرض بتلك المساحة الصغيرة تلقى كل هذا الوجع.. وأرباب الخليج بأموالهم لا يكلفون أنفسهم عناء مدّ يد المعونة إلا بسهرات الملاهي والركوع أمام مؤخرات الراقصات وإنفاق كل ذي ميسرة على ما ليَمينه من مائعات باغيات..

مصر التي كان الغزاويون ومن ورائهم رجال "حماس" يستبشرون الخير من رئاسة محمد مرسي.. أفل أملهم بانقلاب السيسي و ضياع الثورة وكل البلاد في دوامة الاعتقالات والدكتاتورية الجديدة التي لم يتخيلها حتى حسني مبارك الذي حق لنا اليوم أن نشتاق لأيامه..

غزة تغرق اليوم أكثر من أي وقت مضى.. تغرق في ظلام الفقر لمواد التموين بالكهرباء والتدفئة والوقود... تغرق في أمطار شتاء لا يعبؤ بآلام المحاصرين والمرضى والثكالى واليتامى.. تغرق في خيانة آل سعود المُوَلين شطر تدمير سوريا.. ومعهم ذيول الخليج بأسره..

وحدك يا غزة في قلب العاصفة.. في مواجهة التاريخ والعدو..

غزة.. سامحينا أرجوك//

                                                                                                      بقلم / معمر عيساني. 


صور من مأساة الغزاويين..