الثقافة في الجزائر ؟+؟=!


           لا ينفي أحدنا انتشار الاحتفالات والبهرجات الثقافية في طول البلد وعرضه.. وكأن الجزائر أصبحت خشبة مسرح كبير، الشعب راقص عليه آناء الليل وأطراف النهار.. الملايير تصرف يمينا وشمالا لأجل جلب الفرق الموسيقية والمطربين، ولسان حال المسؤولين في الوطن ينادي بوَعي المواطن السكران، وعشقه للثقافة المختصبة، وتطلعه لمختلف العورات العالمية؟؟



حقا إنشاء المراكز الثقافية في أكثر المدن، وتجهيزها بوسائل الإعلام الآلي والمكتبات، عمل طيب.. ولكن أتساءل عن مدى فاعلية هذه الإنجازات.. جميعنا يعلم أن هذه المراكز لا تستغل إلا في "الهتش بيتش" ومُعجّـنات "الهيب هوب"، وإنشاء العلاقات الغرامية بين مرتادي هذه النوادي، والدردشات عبر السكايب والياهوو.. وقليل هم من يستفيد حقا مما سُخـّر لهم في تلك المنشآت..
هنا السؤال كبييير... لماذا يحدث هذا؟؟ ربما نتـّهم القائمين على هذه المراكز بالتقصير في أداء مهمة المتابعة.. وحتى صيانة العتاد ومحتويات دور الثقافة.. فالحواسيب هناك سرعان ما تتلف، وتسوء خدمة الإنترنت وتتثاقل، إضافة إلى الكراسي والطاولات وحتى الساحات الخضراء المحيطة بالمراكز، إذ ستـُريك أنواع قمامات المثقفين بها..


قد يتحمل الشباب جزءا هاما من المسؤولية، فالجزائريون معروفون بأنهم يحبون ترك لمستهم الجمالية في كل شيء.. فالحديقة الخضراء لابد أن تكتسي بعض الأكياس البلاستيكية مثلا، وضروري في عرفهم إنقاص عدد الأغصان في الأشجار، ولعل الوقوف أفضل من الجلوس.. فيجب تكسير جميع الكراسي..!
يخبرني أحد أعوان الأمن بمركز ثقافي عن أزمة الفئة المحسوبة على الثقافة بسبب نوعية النشاطات المقامة بين فينة وأخرى.. فعن الحفلات الغنائية يكون جُل وارديها شبابا متسكعا يهوى التحرش وتتبع عورات الفتيات، يثير بطيشه الجو، ويصطنع مشاجرات يومية على عتبات تلك المراكز.. فأي تواصل سيكون بين هؤلاء في فضاء الثقافة؟؟
في موقف آخر قصدت المكتبة الولائية رفقة صديقي، ليستقبلني أحد موظفيها.. فسألته عن برنامج تنظيم الأمسيات الشعرية، فقال أنها مكتبة للمطالعة؟؟ كأنني سألته عن مكان "تعليف الأبقار".. فأعدت السؤال مجددا بأسلوب حاولت تبسيطه، فلم يزد على أنه مكان لـ "القراءة".. وكأنني من أصحاب محو الأمية...

الثقافة من الممكن أن نجدها في المدن الكبرى بوطننا.. لكنني أخشى أن تكون محض غلاف كتاب سيئ الطبع وضعيف المحتوى.. فأروقة المعارض الفنية تـُبنى على المُحاباة ودرجة القرابة من مسؤولي مديريات الثقافة.. وحتى انتخابات اتحاد الكتاب الجزائريين تخضع للحسابات المادية لا العلمية والفكرية.. وهو ما شهدته ذات مرة بولايتي.
إذن.. الكمية الذي ندعيها في طبع الكتب لا يُخفي رداءة نوعيتها، وطريقة ترويجها العقيمة، وموتها على رفوف المكتبات دون وصولها إلى القراء.. في الجزائر لا يوجد دعم حقيقي للكتاب الهواة، ويجتهد بارونات الكتابة النثرية والشعرية المقربون من بهو الوزارة الوصية في "الإغلاق" على كل آمل في الوصول إلى أضواء الثقافة والاشتهار، ويمارسون الاحتكار بأبشع صوره العنصرية والإقصائية، ليجعلوا من هواة الأدب والفن مشاريع فاشلة حتى قبل البدء.
يبدو جليا من الواقع تدهور الوضعية الثقافية للجزائريين في مقابل رواجها لدى المجتمعات المجاورة لنا كالمغرب وتونس.. سنرى ذلك في القنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي والدردشة.. إذ نفهم منها بشدة ما يدور في رؤوس الجزائريين، وعن ماذا تتحدث الثقافة عندهم.
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. سفيان14/4/13

    إذا كان رب الأسرة على الطبل ضاربا فشيمة الأولاد الرقص.هذا المثل ينطبق تماما على واقعنا فمسؤولونا لايهمهم من الدنيا إلا الشهوات والشطيح والرديح!!
    أما الثقافة فهي بالنسبة إليهم تكسار راس!!!

    ردحذف
    الردود
    1. على أي نوع من الموسيقى رقصون؟؟

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة