اليوم عـمر وغدا محمد


شهد رمضان المنصرم حملة إعلامية للتعريف بالصحابي الجليل عمر بن الخطاب.. مسلسل درامي يصور سيرته الذاتية، برامج دينية لعدد من الدعاة للحديث عن إنجازاته، ومن أولئك عمرو خالد، وعائض القرني، ولعل أبرز ما في ذلك المسلسل تشخيص صورة ابن الخطاب ومن معه من الأهل والأصحاب.. ليذر جميع من في السيرة النبوية على مرأى ومسمع المشاهدين.. وقريبا سنرى محمدا بن عبد الله رسول الله مشخصا في عمل درامي جديد.

عمر.. حكمت فعدلت فأمنت فنمت، كانت إشارة البدء بإيعاز من الشيخ القرضاوي وسلمان بن فهد العودة وعلماء آخرين أفتوا بجواز تشخيص الصحابة بأدوار تمثيلية يقوم بها من صادف من الفنانين.. وحقا اشترك تلفزيون قطر ومجموعة mbc في إنتاج هذا المسلسل الضخم الذي عرض مؤخرا.. وبدأت المهزلة...
من الملاحظ اختلاف لكنة حديث الممثل الذي أدى دور عمر، إذ يبدو جليا تركيب الصوت على حديث الممثل حتى يأخذ جمالية أكثر تدعو للجدية والوقار.. لكن بالمقابل بدت أصوات الممثلين الذي أدوا دور أبي بكر الصديق ـ وما أدراك ما أبو بكر؟؟ ـ وبقية الصحابة أصواتا مبتذلة قد لا تصيب حتى سقف اللغة الفصيحة القائمة على قوة البيان، إذ لم تتحرر ألسنة الممثلين من أصولهم الشامية والمصرية، وبقية الانتماءات الأخرى.
الممثل السوري سامر إسماعيل الذي أدى دور الفاروق
ورغم سبق أبي بكر على عمر، إلا أن الرائي يلتمس هامشية للصديق في بعض المشاهد من المسلسل.. وعندما نرقب ظهور ابن الخطاب نصاب بضعف مُتبدِ في شخصيته خاصة قبل إسلامه حسب أحداث المسلسل.. وإذا ما استمرينا في نقد فني للعمل نؤكد على بعض الضجر الذي سيصيب المتابعين له خاصة في التكرار المفصل لأحداث معروفة وتطرقت لها كثير من المسلسلات والأفلام السابقة ونعني بها ما يروي قصة ظهور الإسلام ومعاناة الأوائل مع قريش في الدفاع عن توحيدهم وكذا غزوة بدر وأُحُد.. 
عندما يصبح هؤلاء كأولئك؟؟
هذا وقد تجاوز مسلسل عمر الخطوط الحمراء حينما سمح القائمون عليه بتشخيص أعظم صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الصديق.. والأدهى والأمَرّ أن سائر الممثلين الذين ظهروا على أنهم من أصحاب الرسول أو آل عمر هم ممثلون لهم سوابق في أدوار استهلاكية غرامية ومائعة في مسلسلات جميعنا رآها أو سمع بها.. فمن المجحف أن نجعل شيخا هرما يعشق بنات العشرين في المسلسلات السورية رجلا اسمه الصديق أبي بكر في مسلسل عمر؟؟
أثناء تصوير المسلسل
نحن لا نتهم أحدا لكننا نود أن نترك صحابة رسول الله في عزهم وكرامتهم دون مساس.. أما إذا أخذتنا الغيرة على تاريخنا فلا ضير في إنتاج مسلسلات أفضل حتى من هذا الأخير ـ عمر ـ بحيث لا يظهر للصحابة أي تشخيص.. مثلما كان في فيلم الرسالة الذي قارب شيئا من الاحتياط في التعامل مع السيرة النبوية... وبهذا نصيب أجر التعريف بتاريخنا والتحبيب في إسلامنا بسُبل أبعد ما تكون من الابتذال.
ولابد أن السير على نهج التشخيص مثلما يحدث في أوربا عندما تنتج شركات الإعلام المسيحية أفلاما لقصص الأنبياء، سيوصلنا لا محالة بتزكية شرعية من علماء يتسرعون في أحكامهم ربما لحماس يأخذ قلوبهم، إلى إنتاج مسلسل أو فيلم في السنوات القليلة القادمة يجسد صورة رسول الله بكل وقاحة وعبثية.. فمن سار على الدرب وصل.. والتدرج في الأمور يأتي بأواخرها.. فهل من ردة فعل لو حدث ذلك حقا؟؟
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. سفيان8/9/12

    من أراد سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه فعليه بكتب السير لأن المسلسلات و الأفلام حتى ولو كانت في المستوى فهي لاتعطي إلا جزءا يسيرا من الحقيقة.

    ردحذف
  2. صحيح ما تقول بل إنها ستغير الكثير من الحقائق

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة