احذروا.. قناة المغاربية تخاطبكم!


أصبح الجزائريون على موعد يومي مع قناة "المغاربية" الفضائية، باتصالاتهم الهاتفية، ومشاركاتهم المميزة في طرح واقعهم ومناقشته، انطلاقا من انتقاد النظام تارة، ومرورا بالدفاع عنه تارة أخرى.. ورغم أن القناة ذات ملمح مغاربي يجمع دول شمال إفريقيا، إلا أنها بلسان جزائري مبين..
تبث "المغاربية" من لندن، وبرأس مال خاص، شاع أن من بين أصحابه نجل زعيم جبهة الإنقاذ المنحلة في الجزائر "عباسي مدني"، وعموما يبرز الاتجاه "الإسلامي" في حفاظ إحدى مذيعتي القناة ـ لحد الآن ـ على حجابها الشرعي، وكذا تقديم برنامج ديني مباشر، واستئناس جَلِي بـ"أسلمة القناة".
لا يزال هذا المشروع الإعلامي الجديد، والموجه لدول المغرب العربي في مرحلة البث التجريبي، إلا أن القائمين عليه بادروا بعرض برامج مباشرة لكسب عدد لا بأس به من المشاهدين، ومن ذلك برنامج "الحدث المغاربي" و"صدى الشارع" وهما يبثان يوميا..
والمميز في برنامج "صدى الشارع" فتح الاتصالات للمواطنين حين طرح أية قضية، وهنا بدأ الجزائريون بالأخص معالجاتِهم للوضع الداخلي في البلاد، من حيث الفساد الإداري والسياسي والأخلاقي، وأكثر من هذا جرأة المتحدثين في الانتقاد دون خوف من رقباء النظام..
 خط القناة معارض للرئيس الجزائري وحاشيته، وهذا لا نقاش فيه، ومنه اعتبرها البعض "فتنة" وزرعًا للبلبلة في الوطن، وقد عمد عدد من المتصلين إلى إزعاج مذيعي القناة بالشتم وحتى السب بكلمات بذيئة محلها الشارع لا التلفزيون، ما جعل أنصار المغاربية يرجحون انتساب المتصلين للنظام.
وبغض النظر عن هدف القناة ومُلاكها، تعتبر المغاربية "ظاهرة صحية" في الساحة الإعلامية والسياسية في الجزائر وسائر دول المغرب العربي الكبير.. لأنها فتحت المجال أمام الجزائريين لمخاطبة بعضهم البعض، ومناقشة قضاياهم بأنفسهم، بعيدا عن تفاهة التلفزيون الرسمي الذي أصبح مزبلة للرأي الواحد، وشبيها بما كان عليه إبان عهد الحزب الواحد ـ بل أسوء من ذلك ـ، وكذا إنهاء لاحتكار فضائيات الشرق الأوسط التي عجزت عن الإلمام بـ"الداخل" الجزائري، بسبب الهوة الثقافية وحتى السياسية بين المنطقتين.
المشكلة ليست في أن القناة تبث رأي المعارضين لبوتفليقة وأويحيى وبلخادم، بل المأساة هي واقعنا، هذا الواقع الذي سيعجز عن إصلاحه حتى المتنطعون في هتك عرض النظام عبر المغاربية وعبر جميع المنابر، فلا أحفاد جبهة الإنقاذ، ولا حركات التغيير التي لا محل لها خارج الفايسبوك، ولا فتات السياسيين القدامى الذين هرموا في دورات المياه، كل هؤلاء ليسوا بأفضل من الرئيس ومن معه، فهم ببساطة يبحثون عن براميل نفط جديدة لشحن أرصدتهم في أوربا وأمريكا.
من يصدق أن في هذا العالم مجموعة من الرجال تبحث عن فعل الخير.. ههه.. حسنا لسنا مدافعين عن النظام، بل أساس هذا المقال دعم قناة ضد النظام.. فقط عرض لحقيقة الوضع، وتحسّر على غياب البديل أو لنقل المهدي المنتظر؟؟
مشكلة الجزائريين هم الجزائريون ذاتهم.. هم الولاة ورؤساء الدوائر والبلديات، لا الحكومة وقصر المرادية، المشكلة مشكلة أصحاب الشكارة الذين يريدون قتل الفقراء والعيش لوحدهم بسلام ورخاء، المشكلة مشكلة أحياء وشوارع، وجيران ولصوص مراهقين، وحتى أقارب وأصدقاء.. إذن تجاوزت المشكلة حدود النظام لتصل إلى عقل ديارنا، لا تنسوا: كما تكونوا يُولّ عليكم..
هنا لابد من كلمة أخيرة.. فتخفيف العبء عن النظام ليس تبرئة له، ولا مغازلة مني إليه، بل توجه مباشر إلى المعضلة قصد حلها، وتجنب للفوضى التي جربنا ويلاتها، ولم نعد بخير منها إلا الموت والخراب.. فحتى إذا تملكتنا الثورة، وأسقطنا النظام، فسيبقى الفساد في الولاية والبلدية والدائرة ولجان الأحياء، وحتى إذا استطعنا تنظيف هذه المؤسسات المحلية من رؤوس الفساد، فلن نحصل إلا على بديل أبشع.. لأن نفسية الجميع الآن مهيأة للنهب.. فأين البديل؟؟ إذن قبل التفكير في البديل، لابد أن نوجده ونكوّنه ونحصّنه من هوى السلطة وفتنة النفوذ..
بقلم / معمر عيساني











تعليقات

  1. غير معرف1/2/12

    موضوع مهم ومدونة مميزة تذكني كتاباتك بكتابات صحفي اخبار الاسبوع ثم الخبر الاسبوعي سابقا حسان زهار.تعقيب فقط على استدلالك بالحديث الشريف (مثلما تكونوا يولى عليكم) وهذا صحيح لكن هذا نصف الصورة أو جزء منها فقط.سأل هارون الرشيد احد الحكماء موعظة فقال له(إن صلحت العين صلحت السواقي وان فسدت العين فسدت السواقي)وقال لآخر: كيف تجد الزمان؟ فرد عليه(يا امير المؤمنين أنت الزمان ان صلحت صلح الزمان وان فسدت فسد الزمان).ولا اظن انه تنقصك الفطنة لتفهم مقصودي.تفضل بزيارة مدونتي:http://ali82.maktoobblog.com/.

    ردحذف
  2. كلامك في هذه التدوينة يجعل من الترف و العنجهية محاولة الزيادة عليه بكلام، لكنني أتجاسر ولو لتحية قلمك وفكرك، نعم النظام ليس كل الخطأ ولو أنه ساهم في صنع أنواع الأخطاء فينا، لكن معك أيضا في أن هذا لن يلغي تكليف الأسفل بواجبه وإن لم يكن لإصلاح الفوق فاستعدادا لسقوط الفوق ربما :)

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة