العرب يُعلِنون الردّة على حكامهم!!



قد طفح الكيل.. العرب من الخليج إلى المحيط يرتدُّون عن حكامهم.. من قال أن أهل الكهف سيوقف سباتهم بائع الخضار في تونس "المنسية".. من قال أن الفرعون سيسقط.. وأن الزعيم سيتمرغ.. من قال أن السلطة تتودد.. تغازل عبيدها كي تنال رضاهم.. الآن يحدث كل هذا في أرض العرب؟؟



تابع الجميع منذ بداية سنة الإعجاز العربي 2011م، بهدلة رئيس تونس "بن علي" الذي هرب كالنساء في الليل.. وتابعنا بشغف أكبر انهيار مملكة "مبارك" وهوانه على شعبه المصري الذي نادى برحيله بكرة وأصيلا.. ونتابع بشوق غزوة بنغازي وأخواتها بليبيا، وتراجيديا نهاية مريض أفريقيا "القذافي".. بل لا نولي وجوهنا قِبل المشرق فنرى بركات "البوعزيزي" في البحرين، ومشاهد التحرير في اليمن.. إنها لن تتكرر.. فعلى الكل الحرص على وضع اسمه ضمن سجل التغيير والحرية والنهضة..


حقا.. فنهضة بني يعرب تبدأ بتحررهم من حكامهم الذين ساموهم سوء العذاب، وأنزلوهم مدارك الجهل هم ومن اتبعهم من حثالة القوم وما أكثرهم.. بإفقار البطون وتفريغ العقول وتسخين الشهوات.. فانقلبوا بتخلف لم يسبقهم إليه بشر..؟؟ أفكار استهلاكية عششت في عقولهم منعتهم من مجرد التفكير في أن الحكم بيد من لا يفقه شيئا، فهو للهلاك أقرب وللخيانة يطرب..


كذلك النهج الأقوم لمن خاف اختلاطا وفوضى لا تغني من الظلم شيئا، فعليه بالوقوف والعمل على كسر كل "طابوهات" الإدارة المعرقلة لحركة المجتمع، وإرسال الرقابة على من يسير بالمال في مشاريع الدولة، فلا يستأثر بها ولا يفلت من العقاب إذا ما بدّدَها.. لكن الذي بيده السوط إنما هو الشعب فهيهات هيهات أن ننتظر الخلاص والهناء والرفاهية من علياء النظام.. فهو وإن كان على شيء من النبل، لن يقدر على فعل خير ما دامت يداه وأرجله بطانة فاسدة تُخفي الحقائق وتزوّر الأرقام وتسمّنها على صفحات الفواتير.. فتقضي على كل مشروع وتُغرِق الأحياء والمواطنين في دَرَن الفقر والبطالة والعزوبة والانحلال الخلقي وكل الآفات الهدامة ..


إذن لابد أن تستمر الثورة بعيون واعية.. لن يستقيم حال هذه الأمة ما دام يسوسها الرويضبة أولي البطن والفرج؟؟ لابد أن يسقط الطواغيت صنما بعد صنم، ولا بديل عن حسم مصير كل من استوطن مراكز القرار من السلطات المحلية التي يلتمس منها المواطن البسيط حاجاته اليومية، إلى الوزارات التي ضربت العنكبوت نسيجها على من وُلّيَ أمرها.. فهي البداية لكل تغيير، فنقطة النجاح إنما هي البدء من القاعدة وصولا إلى القمة، وفي أغلب الأوقات لن يبقى للقمة شأن إذا ما اضمحلت قواعد الفساد تحتها..


هي الثورة.. قد تكلفنا أرواحا وأموالا وأكثر مما قد نتوقع.. لكننا سنضمن مستقبلا أفضل وأنصع، يشد وثاقه زعامات أخرى تحمل من العلم والدين والخُلُق ما يحقق الآمال، بعيدا عن من يركب الثورة من أصحاب المنافع، والانفصاليين ، والذين هم على الأرائك ينظرون من فنادق أوربا.. حتى إذا ما انتصر الشعب جاؤوا يلهثون لافتكاك ما ضحّى لأجله الأبطال.. كل الأمم والحضارات خرجت من أزماتها أقوى وأوعى.. الثورة هي الخلاص، ونحن بها مستمسكون، أما إذا ما بقينا على آثار من سبقنا نُسبّح بحمد من سلبنا إنسانيتنا فإنما هي مسامير توابيتنا وتوابيت أجيالنا ندقها بجهل وعمى..

بقلم / معمر عيساني


تعليقات

الأكثر قراءة