المظاهرات: جعجعة من غير طحين..



بعد تونس، استفاق بعض الشباب الجزائري ليُمثل بعض الأدوار "اللاواعية"، فيحرق ويكسر لأجل تغيير الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلد.. ولكن كالعادة ومنذ ثورة التعددية الحزبية تبقى هذه "اللقاءات الودية" بين الشعب والنظام مجرد تثبيت للواقع وفتح المجال أكثر فأكثر لتأزم حياة المواطن البسيط.




تناقلت وسائل الإعلام ـ المسرورة ـ بهذه الأخبار الجديدة على صفحات الجرائد الباهتة وأثير الإذاعات المُسِنّة وشاشات الفضائيات السافرة.. القائلة أن الجزائريين انتفضوا بعد الزيادات المهولة في أسعار المواد الغذائية.. طبعا يستبشر البعض بهذا الوعي على مستوى البطون.. ويتناسون حجم المأساة الوطنية والتي لا تتحمل السلطة منها إلا أنها للأسف تحكم شعبا محدود الرؤية ومُضَلل الفهم.. فأن يحتج المواطنون ضد النظام في الجزائر نكتة جد مضحكة.. فنحن في هذا الوطن أكثر الشعوب تحررا من سلطتها.. لا يوجد في الحقيقة جزائري واحد يمارس عليه الرئيس بوتفليقة أو أحد وزرائه أية حكم!!
هنا سيقول القارئ ربما أنا أداهن النظام وأتوسل عفوه ورضاه.. لكنني بالتأكيد وكأي مواطن بسيط ـ كما قلت آنفا ـ أبعد عن النظام من بعد المشرق عن المغرب.. ولكن كيف النظام في الجزائر لا يتسلط على الشعب؟

الإجابة تكمن في الأزمة.. نعم فكل أزمات المواطن الجزائري سببها مواطن جزائري لا غير!! غلاء المعيشة مصدره المضاربة التي يفترس بها التجار ـ يعني مواطنين يفترسون ـ بعضهم البعض.. وبينهم يموت الفقير.. السلطات المحلية.. دائرة بلدية وولاية.. أعيانها من الشعب.. والشعب انتخبهم بشهادة الشعب ـ أما الكلام عن التزوير فمجرد تفاهات.. ففي الانتخابات الأخيرة التي فاز بها الأفلان والأرندي واللذان يٌحسبان على السلطة، أسهم في لجان مراقبتها وتنظيمها شباب من الجامعة ومنهم زملاء لي شهدوا بصدق كل صوت حصل عليه بلخادم أو أويحيى.. ما يعني أن اختيار الشعب هو الذي يسير في هذا البلد.. ولا داعي لذكر الانقلاب الذي حدث بداية التسعينات ضد جبهة الإنقاذ الإسلامية فتلك قضية أخرى.. ـ.
هذه السلطات المحلية التي سردنا طريقة ولادتها هي المسهم الأول في ضياع حقوق المواطن الذي يحتك بها في يومياته ضمن احتياجاته للوثائق الرسمية والوظائف وتوزيع السكنات وتوفير البنية التحتية من ماء وكهرباء وغاز وطرقات ومرافق عمومية، فكل مستحقات هذه المشاريع المفترض إنجازها تذهب في جيوب رؤساء هذه السلطات وأذنابهم.. وأؤكد مرة أخرى أني أقصد هنا السلطات المحلية وليس غيرها.. فهي أساس الفساد في الجزائر..
نقص الوظائف واقتصار المناصب "المحترمة" على النساء فقط سببه المواطن أيضا.. فرؤوس الأعمال عندما يعلنون عن التوظيف وتتقدم لهم العروض سيختارون في النهاية صاحبة اللحم الطيب.. ولن يهتموا لأمر الشاب المسكين.. هنا لا تقولوا لي أن بوتفليقة هو الذي طلب منهم توظيف النساء!! وحتما سيقوم أي واحد فتح الله عليه أبواب الرزق بتوظيف النساء بدل الرجال للضرورات "العضوية" التي ذكرتها..
مرة أخرى سيجادل الذين يريدون توجيه أذهان المواطنين إلى الوجهة الخطأ، بأن السلطة مسؤولة عن التنظيم ومحاسبة المخطئين.. ولكن ماذا يفعل بوتفليقة وحكومته إذا صرفوا المبالغ الباهضة لأجل التنمية المحلية ثم يقوم "الأميار" بأكلها ويدّعون صرفها بالوثائق.. هل يستطيع الرئيس المرور على كل المناطق الجزائرية للوقوف على ما يٌنجز بها.. بل من سينجز إذا كان المقاولون ـ المواطنون ـ "مصاصي طرقات"..!! يصرفون الملايير لأجل ردم حفرة بطريق "بلدي" فما أدراك بطريق "ولائي" أو حتى "وطني"...



تغيير الواقع الجزائري لن يكون إلا بتغيير الذهنيات، وتوجيه هذه الطاقات الشعبية "الاستعراضية" إلى المسؤولين الفعليين عن الفساد.. ليس بالتكسير والعنف بل بعزل هؤلاء عن مناصبهم بمقاطعتهم والإضراب "المتحضر" الذي يضمن سيرورة الحياة الطبيعية للمواطنين أنفسهم.. وتفعيل المراقبة الشعبية لمختلف هذه السلطات المحلية... فالرشوة مثلا بدأها الشعب.. فالمواطن هو من جعل الموظف اللعين معتادا على قبض "البقشيش" ولو لإخراج شهادة الوفاة...
إذن حجر الزاوية في عودة الرخاء والرفاهية للجزائريين هو الجزائريون أنفسهم.. لن ينفع هروبهم من الوطن بل سيعطي فرصا أكبر للصوص البلد لاختلاس ثرواتها وخيراتها.. لابد أن نعود للجزائر لتحريرها من الإقطاعيين الجدد الذين يمارسون السلطة البشعة في حق الفقراء والبسطاء من الشعب، أبناء الذين حرروا الأرض بالأمس..
بقلم / معمر عيساني


تعليقات

  1. كان الله في عون الجزائر
    والشعب الجزائري

    ردحذف
  2. << إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم >>
    صدق الله العظيم
    وصدق من قال
    " لو لم يجدونا نعاجا لما كانوا سباعا "

    ردحذف
  3. << إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم >>
    صدق الله العظيم
    وصدق من قال
    " لو لم يجدونا نعاجا لما كانوا سباعا "

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة