ومن قال أني سأغيب؟


سلام..
... لا أعرف كيف أبدأ هذا المشكل.. حقا الكتابة مشكل، وأنا لم ألمس نشوة الحروف منذ زمن.. عبثا أكتب قدري.. كل هذا لا يُجدي... التعبير، والتفكير، والتحبير على الصفحات البيضاء.. ترف وأكثر منه كفر بالواقع... لا أجد ما أملأ به هذا الفراغ غير همسة واحدة أوحي بها في أذن كل أنثى وذكر.. أنا لا زلت هنا.. ومن قال أني سأغيب؟.. سأبقى حاضرا.. وإن استباحتني المسافات.. سألقَى جوارحكم.. وإن قهرتني الذكريات.. سأكتب أفكاركم.. وإن ضاعت من قلمي دنيا الكلمات..

منذ فترة ليست بالبعيدة.. أصبحت في عالم آخر تماما، مناقض لما عشت من قبل.. أوقفت كثيرا مما كنت أتعبده منذ صباي.. وأعلنت ديانة أخرى في مملكتي.. قارئ هذا السراب.. سلّم واطوي الكتاب..
نأت بي الظروف وإن لم أرتئي رغبتها، بعيدا عن حياتي.. لم أعهد هذا الشوق.. كما أني لم أعرف يوما أن الحب مجرد خرافة.. وأن العلم ذروته عِرافة.. وكل الحزن لا يعدو أن يكون ثقافة.. كيف أصبح الضجر مشوقا للغاية.. والنوم أدب ورواية.. والوسادة وسيلة وغاية!.. حتما لم تعد الشمس كعادتها تبعث الحرارة.. كل ما في الأمر صقيع له شرارة.. الأرض تعبّر عن شهوتها بمنتهى الحضارة.. والمجتمع أسدلت عليه الستارة..
أترون كم هي الكتابة سهلة.. تأكدوا أن هذه الثرثرة لو أتبعتها باسم شاعر معروف جدا.. له مِن النسب والجاه ما تنوء بنوك الخليج بحمله لكان قرآنا منزلا.. يتعبده النقاد بسجلات المدح والثناء.. أما إذا كانت لكاتب مغمور كمثلي.. فهي محض سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً..
إني أتنزه عن المرافعة لإبداعي.. ما أنا إلا عابر سبيل له من الزاد ما يكفي أفكاره.. وإن ضل.. فذاك أجمل ما في الحياة! إخوتي أعدكم بالبقاء معكم.. والوفاء بعهد الكلمات.. وإني على ذلك لمن العازمين.. عذرا إذا ما قصرت في تدويناتي سابقا.. فإنما هي الظروف.. وكفارتها سفك دم الحروف.. الكتابة ملجئي.. ومنتهى رغبتي.. وسؤدد فكرتي.. وها أن عائد لها يا إخوتي..
معمر عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة