ثَكِلَتْكَ أُمُّك يا تلفزيون الجزائر...!



رغم كل ما يحدث على الساحة الوطنية من مجريات جد مهمة، إلا أن سيادة "التلفزيون الجزائري" الرسمي.. لا ينقل شيئا عن هذه الأحداث.. فكل ما في الأمر.. بث تفاهات لا تُسمِن ولا تُغني من جوع.. "أشغال يدوية" تمويها لحالة الموت الإعلامي في البلد، وحكايات أصحاب "الحضانة" البرلمانية منتهية الصلاحية، وأسوء ما في الأرشيف من إنتاجات مُمِلة إلى حد "الغثيان"..

حتى أصبحت صورة الجزائر الإعلامية أقل مستوى من دول لا تساوي شيئا.. فالمُشاهد طبعا سيضع جلالة الدولة الجزائرية في نفس درجة "كردستان" مثلا.. ولن يخجل من رفع شأن "لبنان" والحط من ثقافة الجزائريين بمجرد مشاهدة قناة "اليتيمة"..
نحن لا نحط من قيمة أي دولة مفتخرة بتاريخها ومنجزاتها.. ولكن أن نجحد بتاريخ مقدس لدى العدو قبل الصديق.. وأن نُضيِّق الإعلام على مواطنين متفتحين إعلاميا وأوروبيا.. فهو المسخرة حقا..
شُلّت المؤسسات التربوية أسبوعين كاملين.. والكل علم بالخبر.. ولكن "جُثة" التلفزة الوطنية لم تُكلّف نفسها عناء الحديث عن الوضع الحرج لأهم "قطيع" في الوطن، إلا بعد تدهور الحالة وتدخل الحكومة ببعض "مسكنات الألم".. حسنا نقول أن الإعلام الرسمي يهدئ الوضع في مثل هذه المواقف.. ولكن لن نستطيع فهم هذه المؤسسة "العقيمة" حينما تغفل الحديث "الحرفي" و"المهني" عن رشق حافلة المنتخب الوطني في مصر.. فلم يتم بث أي صورة عن الاعتداء حتى صباح اليوم التالي.. كأن القضية لا تخص التلفزيون الرسمي للوطن.. بل تخص قناة "العربية" و"الجزيرة".. بل "قناة النايل سبورت".. فكلها نقلت صور الاعتداء وعلّقت عليه في حينه.. وطبعا لكل قناة وجهة نظرها، فأين وجهة النظر الجزائرية... ولا يمكن الحديث عن تهدئة إعلامية، فـ"قناة النايل سبورت" التابعة للإعلام "الرسمي" المصري أولى بالتهدئة، ولكنها خصصت ليلة الحادث برنامجا تحليليا خاصا.. أما القناة "غير الوطنية" كانت تثرثر حول الحالة النفسية للاعبين قبل اللقاء.. وأيُّ حالة وهم أصيبوا بجروح على مستوى الرأس.. وأكيد أنها أفزعت أهالي هؤلاء اللاعبين.. والأكثر تأكيدا أن الشعب الجزائري كان مستعرا ليعرف آخر المستجدات تلك الليلة عن الحالة الحقيقية للمنتخب الوطني.. فأين الدور الإعلامي لهذه المؤسسة "العبيطة"!!!
أما في غير هذا الحادث ـ الذي شغل كل الإعلام الدولي ـ فإن التلفزيون الجزائري لا يتحدث عن حوادث المرور اليومية ومآسيها إلا مرة في "الدهر".. ولا ينقل واقع المجتمع الجزائري إلا بما يجعله شعبا "تافها".. أما الإعلاء من شأنه ومواكبة الأحداث، وتحسين صورة الجزائر لدى المشارقة والمغاربة وأوروبا وأمريكا وسائر العالم.. فليس الأمر بالضروري عند مسؤولي أهم مؤسسة في الدولة...!
ضِف على هذا بِدائية الإنتاج الإعلامي الجزائري أمام الآخر إلا ما ندر.. وتدني التقنية المستعملة في تلبيس القناة ومختلف برامجها، وضُعف المستوى المهني لدى الطاقم الصحفي المُعيَّن في المؤسسة على أساس "الوساطة" و"الرشاوى"... أما الصُحفيون الممتازون.. فهم مُهمَّشون.. أو فارُّون إلى قنوات فضائية أخرى.. وما زاد الطين بَلَّة.. تطور الإعلام في تونس والمغرب الشقيقتين.. على تواضع الدولتين بالمقارنة مع الجزائر تاريخيا وجغرافيا... والتي لا تملك إلا قناة واحدة تعيد نسخ برامجها عبر قنوات مستحدثة أخرى غير قابلة للاستهلاك أبدا.. باستثناء قناة القرآن الكريم المتميزة حقًّا لحد الآن.. ولا أدري كيف استطاع "دراويش" هذا التلفزيون إنشاء قناة بمثل هذا القبول الجماهيري، رغم خبرتهم "الفذّة" في "التخلف الإعلامي"...
ومع الإمكانيات الكبيرة للقطاع السمعي البصري في الجزائر.. نبقى في حالة "هجران الفراش" مع تلفزيوننا.. وإلى أن نرى انتقالا من العصر "الجاهلي" إلى عصر النهضة في "ذهنيات" مسيري التلفزيون الجزائري.. نُلمِّح، بل نُلِحّ ـ للأمانة ـ على "طهارة" الصورة الجزائرية و"حيائها" في جل برامجها.. إذا ما قُورنت بمختلف القنوات العربية وحتى السعودية منها... والتي لا تتورع في بث مختلف أشكال "الدعارة ومشتقاتها" عبر مسلسلاتها وأفلامها وحتى برامج الأطفال فيها؟؟؟ وهو ما يُحسب لنا ولإعلامنا الجزائري "الرسمي".. الذي ننتمي إليه، وإن جفا عنا وإن عاتبناه.. فهو عتاب الحبيب للحبيب...
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

الأكثر قراءة