شيتة "النهار" تتفوق على المعارضة

       انتخابات الـ17 أفريل كانت اختبارا مهما لحقيقة تواجد إعلام حر ومحترف في الجزائر.. وحرية أية وسيلة إعلامية تتأكد بمدى معارضتها للنظام الحاكم بغض النظر عن الخلفية الإيديولوجية التي من الممكن أن توجه سير الماكنة الإعلامية.. في الجزائر تفوقت قناة "النهار" بطاقمها الشاب على سائر وسائل الإعلام الأخرى في نقل يوميات الحملة الانتخابية ومجريات يوم الاقتراع.. وهذا رأي موضوعي يحتكم لمستوى العرض الذي قـُدّم على شاشة القناة دون النظر إلى قذارة أهدافها أو مادية مُلاّكها..

في الوقت الذي أكثرت فيه قنوات "الشروق" و"كي بي سي الخبر" و"دزاير تيفي" من استيديوهات التحليل والنقاش حول الحدث دون مواكبة مباشرة بالصورة "الحية" للمجريات، خاصة توافد الناخبين إلى مكاتب الاقتراع، والتي قـُدّمت مشاهدهم من زاوية نظر واحدة تمثلها السلطة بقناتها الرسمية، وقناة "النهار" وأخواتها من "الأجواء" و"وئام" و"نوميديا نيوز"، والتي أظهرت "عرسا" جماهيريا مرقعا بخدع المونتاج طبعا.. ونسبة المشاركة النهائية تؤكد ذلك، فالـ49 بالمائة التي قاطعت، كانت غائبة أيضا في نشرات الأخبار.. رغم أن عزوفهم عن الانتخاب يمثل رأيا حرا يُعتدّ به.
"الشروق" و"الخبر" باعتبار الاحترافية المفترضة لهاتين المؤسستين الإعلاميتين، لم تتمكن من مسايرة العرض المواكب للحدث على قناة "النهار".. لنجد أن "الشياتين" تفوقوا باحترافية ـ محلية على الأقل ـ في صناعة الخبر، وتجسيد الأفكار لدى الرأي العام، انطلاقا من ربط الأمن والاستقرار ببقاء بوتفليقة، إلى تخوين المقاطعين، إلى الاتهامات الجزافية في حق المترشح بن فليس، هذا الأخير الذي لم يتمكن بقناته المتواضعة "أمل" من الدفاع عن نفسه وعن أطروحاته.
يبدو أننا نفتقد لمعارضة حقيقية تقدم بديلا للنظام الحالي.. أو لنقل على الأقل لا يرى الشعب قطعة غيار أصلية تعدّل محرك الدولة من جديد.. وإن قلنا أن النظام بأكمله غير قابل للاستهلاك السياسي في الجزائر، فنحن في حالة فقر فكري وانسداد نخبوي، يُعبّر عنها غياب إعلام موجه للرأي للعام على سُنة المعارضة، بشكل قنوات "الجزيرة" و"الحوار" و"الحرة" و"البي بي سي"، أمام كتلة حاكمة متلاحمة المؤسسات والأشخاص.
بقلم / معمر عيساني.