الربيع العربي يـئِـد القضية الفلسطينية

            نهاية الـ2010 رسمت حدا للقضية الفلسطينية بانطلاق الربيع العربي في تونس، الإعلام العربي وحتى العالمي اختزل المشهد في البلدان التي شهدت تغييرا سياسيا عقب الانتفاضات الشعبية التي أطاحت بنظام "زين العابدين بن علي" و"حسني مبارك" و"معمر القذافي"، واليوم في الـ2013 لازال الرأي العام مشغولا بأحداث سوريا في الوقت التي غـُيبت فيه القضية الفلسطينية من أولويات المجتمع الدولي.



قبل الربيع العربي كانت موضة "التحرك" لدى شبابنا وجمعياتنا، حشد الجماهير في مسيرات التنديد والشجب والصراخ ضد إسرائيل، حصار غزة، الإساءة للرسول الكريم، وإهانة القرآن الكريم... مرت السنوات ولم يتغير شيء.. فإسرائيل لازالت تتقدم في مشاريع الاستيطان وتهويد القدس، وغزة لازالت تئن تحت وطء الحصار، والغرب لازال يستبيح مكانة رسولنا وقرآننا.. والأدهى والأمر أن شعرة معاوية التي كانت تجمع بقايا العرب على تشرذمهم ذهبت مهب الريح، واستطاب العربي قتل أخيه دون هوادة على مرأى من عدسات الكاميرا.
"محمود عباس" على رأس فتح، ديكتاتور لم يستلم بعد مملكته ، ربما هي إشارة مسبقة على أن معنى الديمقراطية مغيب في ذهن الأعراب حتى في ظل الاحتلال.. هذا "العباس" لم يتحرّج لحد الآن في علاقته مع إخوته الفلسطينيين السيئة في الوقت الذي لازال يستجدي فيه طاولة مفاوضات مع الصهاينة ولو كانت على جثث الشهداء.
حكومات هذا الرئيس الفاشل لم تغير شيئا في حال المجتمع الفلسطيني.. الذي يعاني البطالة، تدهور الجانب الصحي في المناطق التابعة ـ فقط إداريا ـ له.. الشباب الفلسطيني تحت تربصات اليهود ومحاولات المسخ التي جعلت منه خلقا دون هوية، يدمن على أسوء العادات والمخدرات والتفاهات.. زد على هذا انخفاض وتيرة المقاومة والممانعة ضد المد الصهيوني الماسوني.
"إسماعيل هنية" من غزة المحاصرة نجح ولو نسبيا في إقامة إمارة مستقلة ذاتيا، حركة "حماس" التي تدير المنطقة في أصعب الظروف استطاعت أن تحقق ما عجز عنه "الفتحاويون" في رغد "رام الله" وما جاورها.. واقتدر كوادر الحركة على استئصال كمية معتبرة من أورام الجواسيس والخونة ومروجي الرذيلة والانبطاح في "غزة" العزة..
فوق هذا.. تأثر الوضع في الأرض المحتلة بتداعيات الربيع العربي خاصة في سوريا، إذ أن الدعم "الشيعي" لنظام الأسد أفقد المقاومين في فلسطين سندا كبيرا.. فبعد أن كانت حركة "حماس" تتلقى المال والسلاح من إيران وحزب الله، وجدت نفسها في حرج، لأن هذا الممول قد بات عدوا طائفيا معلنا للخليجيين والشرق أوسطيين، وأي موالاة له تجعل ذلك الموالي عدوا حتميا للعرب.. فأي وجه ستظهر به الآن "حماس".
عندما نجد الإسرائيليين أصدقاءً للشعب السوري لحظة قصف طائراتهم لقافلات السلاح "البعثي"، نرتعد من مستقبل الخارطة السياسية بعد تصفية "بشار الأسد"، وأي محل سيكون للمقاومين في أكناف بيت المقدس؟؟ وأي تسوية ستؤول في نهاية المطاف لإنهاء "الإزعاج الأخلاقي" الذي ينبعث من أفواه الثكالى واليتامى في فلسطين؟؟
لم ننتظر يوما من العرب أن يأتوا بحل واقعي لمشكل الاحتلال الصهيوني في فلسطين، بل ليس هؤلاء الأجدر لهذه المهمة الشريفة.. ومن المؤكد أننا لن نجد هذا الحل في الظروف الراهنة مع استمرار الحرب في سوريا، وتصفية الحسابات الطائفية مع الشيعة هناك.. ولكن في زخم هذه العتمة نرصد أملا من رب الأرباب ومسبب الأسباب بما يهبه في قلوب رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. رجال مقاومة سيأتون وينهون زمن الذلة في أرض الأنبياء بانبلاج فجر الحرية والريادة.
بقلم / معمر عيساني.

تعليقات

  1. سفيان26/6/13

    تلك المظاهرات التي كانت تخرج بزعم النصرة هي التي برهنت للغرب على أن العرب في مجملهم رعاع تحركهم المشاعر فقط ومن هنا استغلوا لتدمير أوطانهم بدعوى بعض الشعارات الرنانة المفرغة من محتواها فتونس خرجت من ديكتاتورية بن علي إلى ديكتاتورية السلفية الوهابية وليبيا تخلصت من طغيان القذافي لتقع فريسة لطغيان الميليشيات المسلحة .أما مصر فقد كان الإسلاميون زمن اللامبارك يخرجون بمئات الآلاف مطالبين بقطع العلاقات مع الكيان المسخ وهاهم اليوم يعلنون التزامهم باتفاقية كامب ديفيد،وأما سورية فلاتعليق.
    اللهم الطف بنا فيما جرت به المقادير

    ردحذف
    الردود
    1. دائما مواقفنا عاطفية دون مرجعية

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة