في عيد العمال: الخدامين مَحشِـيـَتـّلهُم


       شاهدت عبر التلفزيون الرسمي في الجزائر، مظاهر الاحتفال بعيد العمال في الوطن، وريبورتاجات حول المسار التاريخي للحركة النقابية عندنا، وقد علمت مدى "النفاق النضالي" الذي استنزف جموع العمال المغبون على حالهم، وأسفت على خرافة اللافتات المحمولة والإضرابات المتكررة.. وتأكدت أن "الخدامين كامل محشيتلهم هنا"..

في نفس النشرة الإخبارية التي بثت احتفالات عمال الجزائر بعيدهم، شاهدت ريبورتاج آخر حول الاحتجاجات التي شنها العمال عبر مختلف مناطق العالم في هذا اليوم، وافهموا الفرق! عندنا الأوضاع مزرية و"الأفواه الرسمية" تحتفل بعمالها، وعند الأوربيين والآسيويين الأوضاع في أحسن ما يكون ـ والدليل تكالب العرب على الهجرة إلى هناك ـ ورغم هذا يحتج العمال ويطالبون بتحسين أوضاعهم إلى أرفع مما نتصور.
نقابات العمال في الجزائر حبر على ورق، واجتماعات اعتباطية هدفها المصلحة الخاصة على حساب رقاب العمال المساكين، ففي الوقت الذي تتزايد احتياجات العمال ومصاريفهم في مختلف القطاعات تهمل الوزارات الوصية مطالبهم، وتسُن قرارات وأطر بعيدة عن الواقع لأجل تقنين العمل وتحجيم قيمة العامل في الجزائر..
إن كانت السلطة على هذا الوضع، سننأى عن انتقاداها اللاذع لأنها منطقيا جهة تخضع لحسابات لن نعرفها بالضرورة، وسنوجه حديثنا إلى النقابات "الجائعة" و"المصلحية" التي لا تتحرك إلا لملء جيوب مؤسسيها ومسيريها، إذ أصبحت الإضرابات في النهائية ذات مقاصد خاصة، لا تعود بنفع على الطبقة الكادحة، التي تعود بعد كل إضراب إلى أسوء مما كانت عليه من قبل، حتى وإن كانت هناك زيادات "محتشمة" فالمصاريف ستتضاعف والنفقات ستتزايد دونما حد.
من جهة أخرى وفي الوقت الذي "يَتـفـَرعَن" فيه أرباب العمل على موظفيهم، ويسومونهم سوء المعاملة بأجر بخس دراهم معدودة، تـُلقـَى على كاهل العمال مهام صعبة، ومسؤوليات متتابعة، لا تتناسب والأجور المعطاة لهم.. بينما يحصل أصحاب رؤوس الأموال على الملايير من الصفقات المشبوهة، والاختلاسات والفساد المالي المتعفن في جسد الاقتصاد الوطني.. فهل يتساوى من يحصل على الدينار بعرق الجبين ومذلة المعاملة ومن يحصل على المليار براحة البدن ومكر السلوك؟؟
قيمة العمل في الجزائر مُغيبة تماما، فالطبيب مثل بائع الخضار عندنا، كلاهما يبتغي المال من عمله، أما الضمير المهني والإتقان في الممارسة فلا معنى له.. موظفو الشبكة الاجتماعية التي ترهن مستقبل الكفاءات الجزائرية بعقود مؤقتة وأجور متجزئة ترسم صورة قبيحة لما آلت إليه الحال المهنية والقيمة المفترضة لصاحب الشهادة والكفاءة، والنتيجة تفرض على كل عامل "التفيساس" والغش في العمل وإسداء المهام بأقل جهد ممكن، والسعي وراء الربح السريع اللامشروع.. لأن كل هذا ما هو إلا لغة العصر وضرورة المكر من أجل البقاء.
بقلم / معمر عيساني

تعليقات

  1. سفيان2/5/13

    طبعا في الجزائر لاقيمة للإنسان وإنما للدينار هذا مايجعل كل شخص على مستواه لايفكر إلا في حسابه البنكي...

    ردحذف
    الردود
    1. تقريبا نوع من الاتجار بالبشر

      حذف
  2. مَحشِـيـَتـّلهُم
    يعني في اللهجة الجزائرية.. مخدوعون أو غرر بهم بكل سفاهة..
    فقط هذا لمن لم يفهم العنوان..

    ردحذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة