اقتلوا الأساتذة واستحيوا نساءهم

             لا داعي لتكرار قراءة العنوان.. طلب عَ السريع.. ومقبول جدا لدى العامة المُساقة بعصا الـ FLN، إن قوم الأساتذة هؤلاء، جعلوا أعزة "الزوالية" مجانين في الأزقة، وفتحوا أسواق العقارات والسيارات بآثارهم الرجعية.. سنسمهم على الخرطوم، وندعو الزبانية لحشرهم، ونفتح أرصدة بنوكهم وبطونهم، ونلعن الدارسين تحت وصاية جهلهم.. ونقول لوزارة "التغبية" هل من مزيد بعد بن بوزيد؟



أستاذ أنا.. وسأطلق الحروف ألوفا بوجع وضغينة، ماذا يحدث.. أكُل هذا يقال عن الأساتذة؟ صدقوني لقد ضقت ذرعا بقول السفهاء المتعالي، وصمت النخبة المجافي.. منذ دخولي عالم التعليم نهاية 2008م وأنا ساخط على الكل، لأنني أصبحت متابَعا من جميع الأعين.. الكل "يضبح" على الأساتذة.. فهم من ضاعفت لهم الدولة أجورهم، وهم أبخل الخلق، وأكسل العاملين، وأحسنهم رِئيا..
لا يكاد يمر أسبوع إلا وأقع في سجال باطل مع معتوه من العامة يدعي حصول الأساتذة على كل مطالبهم، وأنهم يضيعون مستقبل التلاميذ بإضراباتهم، أحاول شرح الموقف فلا أجد في رأسه غير النفايات من قناة النهار وجريدتها الساقطة وبقية العاهرات الورقية في صحافتنا..
أذكر جيدا قبل 4 سنوات من الآن، نشر جريدة النهار لكشف راتب الأستاذ، وكان مضمونه أن الأستاذ يتقاضى أجرا يتجاوز الـ 8 ملايين سنتيم شهريا؟؟ يومها قلت لو أني وصلت نصف هذا المبلغ، سأجعل منه صدقة قارة ومضاعفة للمسجد في حيّنا.. ونحن اليوم في 2013م لم يصل المبلغ حتى للـ 4 ملايين، باستثناء القدامى الذي أكل منهم الدهر حتى تغوّط، واحتساب الأطفال وبعض "التمسخيرات" الجُزافية.
لابد أن نقِر أولا أن مجتمعنا متخلف بتقدير جيد جدا.. ومع هذا المستوى المتقدم في الجهل، لا يمكننا تخيل علاقة طيبة بينه وبين أصول العلم وطرقه، والأستاذ أهم مُلقن له.. إذن سلّم عَ الأستاذ في الجزائر يا بابا.. إذ في الوقت الذي حصل فيه موظفو قطاع الصحة على أموال ثقيلة لم يتحدث عنهم أحد.. فالممرض الذي لا يكلف نفسه إلا عناء "جكجكة" أرداف المرضى حصل على آثار رجعية تجاوز الـ 50 مليون سنتيم، أما منتسبو وزارة الدفاع فبوركت لهم غنائهم.. بل إن الذي يكسبه البناء "الماصو" في أسبوع لا يتمكن منه الأستاذ إلا في شهر وبعناء شديد..
هنا سيقول السفهاء منكم أكرمكم الله أي جهد يبذل الأساتذة؟؟ حسنا انظر إلى عدد التلاميذ في القسم الواحد أكثر من 35، وكل تلميذ بعقلية ومستوى علمي متفرد عن زملائه، زد على هذا المستوى المعيشي والأسرة التي أتى منها، والانحلال الخلقي الذي يطارده في الشارع والتلفزيون والإنترنت والهاتف والفيديو وزد ما شئت من النذالة....
هؤلاء يدرسهم الأستاذ وهو كاظم غيظه.. الفتيات متبرجات ويعرضن أنفسهن للفتيان، أما الفتية فيحملون أسلحتهم البيضاء وسجائرهم ومخدراتهم وكل شيء.. هو يشرح ويدرس ولا أحد معه في الخط.. الإدارة تضيق الخناق عليه وتجعل منه "منافري" ـ ويفهمها الجزائريون ـ لا يستعمل الضرب، ولا الطرد ولا أي تعنيف كأنه حمَل وديع وسط الذئاب.. الغريبة في الوقت الذي تعاني فيه مصالح الدرك من الجنوح لدي المراهقين، يُطلب من الأساتذة أن يتعاملوا معهم معاملة الكتاكيت؟؟
الأستاذ يدرس في الغالب صُبحا ومساءً، ولا يمكنه التغيب أو التماطل لدقيقة في حصته.. وهذا الأمر يعلمه جيدا موظفو الإدارات الذين كادت تتفطر مؤخراتهم من الجلوس واجترار الجرائد اليومية.. الأستاذ أيضا لابد له من التحضير الحازم لدرس الغد وهذا في البيت، وعلى كل حال سيتابع واجبات تلامذته كذلك في البيت، بمعنى أن الأستاذ متورط في عمله خارج البيت وداخله.. فرحمة الله على أهله وأبنائه..
هل يمكنكم إيجاد وظيفة أخرى مماثلة يتبع فيها العمل الموظف إلى منزله.. أكيد لا يوجد.. فالجميع بمجرد خروجه من مكان مزاولة نشاطه الوظيفي، يترك جميع تبعاته هناك إلا الأستاذ يلهث بمحفظته أو لنقل "مفضحته" التي لا تتركه إلا بعد تقاعد مرير.  
حسنا لنقل أن الأستاذ يتقاضى 8 ملايين، وهو لا يبلغ حتى نصفها.. أين المشكل؟؟ ألا يبذل جهدا يستحق هذا المبلغ النظري؟؟ حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على إعطاء الأجير حقه قبل أن يجف عرقه.. كما أن لمقام معلمي الناس الخير رفعة غابت في بلادنا.. إذ أنهم صاروا مصدر الشؤم لدى الجاهلين.. وملهما للنكت ومشجبا لمشاكل الجزائر المالية، وفتنة للقطاعات الأخرى.
عذرا إذا ما تجاوزت حق بعض موظفي القطاعات الأخرى، فكل على ثغر في هذا الوطن، نبغي التقدم به نحو الأفضل.. ولكن الحاصل من الاستهتار بالتعليم في الجزائر جعلني أشعر بغليان وحرقة مؤلمة على ما آلت إليه حال المجتمع الذي لم يعد أفراده يفهمون ولا يعون شيئا من حولهم، بل رفعوا معاولهم باتجاه الصواب، وأسندوا أبنية الضلال والفساد دون اتعاظ أو ادكار لواقعهم..
بقلم / معمر عيساني
  

تعليقات

  1. سفيان17/3/13


    بارك الله فيك على هذا المقال ياأخي
    وأنا شخصيا لاأعجب كثيرا مما يحدث ففي الأمم الراقية عندما تريد الحكومات تطوير شعوبها فإنها تذهب مباشرة إلى المناهج التربوية فتراجعها وتنقحها وفقا لما تقتضيه المصلحة أما في الأمم المتخلفة فإن الأنظمة الفاسدة لايهمها من أمر البلد إلا كيف تحافظ على مصالحها الضيقة وعلى وجودها وطبعا لكي تستمر هذه الأنظمة ويطول عمرها فيجب أن تبقى الشعوب متخلفة جاهلة لأن الجاهل يسهل استعباده وهذا لايتأتى لها إلا بتخريب المنظومة التربوية وتحطيم أهم دعامة فيها وهي المعلم وذلك عن طريق جعل المواطن يكره هذا الأخير ويقف في وجهه كلما أراد أن يطالب بحقوقه . وطبعا فقد نجح النظام الجزائري إلى حد ما في هذا الموضوع فالمعلم الذي كان قديما مبجلا أصبح اليوم غير ذا قيمة عند الناس وطبعا عندما لايسمع المواطن للمعلم وللإمام-الذي يشارك المعلم نفس الهموم في بلدنا- وهما أساس الإصلاح والتغيير فإلى من سيستمعون ؟؟؟ إلى مغن سفيه ولاعب كرة معتوه وعندها يعيش المفسدون في أمن وسلام ...

    ردحذف
    الردود
    1. والدنيا تبقى تبقى أمانا للحمقى
      هذا شعار سياسة التعليم في الجزائر

      حذف
  2. قطاع التربية كارثي والأستاذ- كما الطالب - ضحية له غير ان حمق شعبنا كان السبب وراء ( الضبيح ) والله يكون في عونكم بصراحة

    ردحذف
    الردود
    1. آمين أخي عزيز..
      أي دولة تحترم نفسها وتود العزة لشعبها والتطور.. تبدأ بتطوير قطاع التعليم والصحة.. أما هنا.. فلك ألف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

      حذف
  3. غير معرف30/8/14

    هذه هي المأساة التي نعيشها كلنا

    ردحذف
    الردود
    1. وماذا ننتظر من بلد متخلف؟؟

      حذف
  4. ملاك الرحمن15/8/15

    حفظك الله على مقالك هذا ..للأسف أصبح الوضع كارثي ...ومع ذلك هناك أمل أن يحدث التغيير للأفضل

    ردحذف
    الردود
    1. لقد فقدت الأمل تقريبا في الجزائر.. يوجد تواطؤ وحالة من الرضى غير المعلنة بين السلطة والشعب على إتقان التخلف والغرق أكثر فأكثر في الجهل

      حذف
    2. ملاك الرحمن15/8/15

      كيف تفقد الأمل ؟؟ .. الحمد لله يوجد أنت وهناك أمثالك ..فقط علينا أن نحاول ..هم يملكون السلطة ونحن نملك أكثر من سلطتهم ..بين أيدينا *** أجيال نعلمهم ** .. ..ما قلته حقيقة لا ننكرها ..ومع ذلك علينا أن نحاربهم بسلاح أقوى ...أنت أمل الكثير.. فلا تفقد أملك تحياتي

      حذف
    3. لك ألف تحية أختي ملاك.. الأمل زئبقي نسبي والواقع يتحكم فيه.. نحن بشر، حتى الأنبياء كانت تعتريهم فترات ضجر وانكسار.. ماذا أقول؟؟ حسبي الله ونعم الوكيل.

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة