كُتّاب البلاط!

ما من كاتب يرفع قلمه أو يرقن لوح مفاتيح حاسوبه إلا وفي نفسه حاجة لا يعلمها إلا فنان أو سلطان، والحرف كذلك له مهوى المكر والفكر، فأي وجهة سلكها فبأمر صاحبه، وأنّى له الدرب إلا من بعد أمر دُبّر بحبر!

تطرق مسامعك بين حين وآخر مناوشات بين الكتاب وموجهي الرأي العام، أولئك الذين يكتبون عما نجهل ويضخّمون التوافه ويسخفون العظائم، أولئك الذين نحتار في جرأتهم ومسلك أقلامهم.. أولئك ليسوا بأنبياء ولسنا بقوم أغبياء لنصدق كل ما ينفثون من سحر.
عندما تسمع بمحاكمة مراهقين لكتاباتهم في الفايسبوك بحجة الإخلال بالنظام العام وهم لم يطلع على منشوراتهم غير بضع مئات، وترى في الهواء الطلق أصحاب أعمدة رأي وفيديوهات تندد بالنظام صراحة وتقصف الحاشية وتصفها بالفساد بكرة وعشية، تضع مقارنة خافتة ما الفرق بين الفريقين؟ لماذا يصرع حُراس الفايسبوك أقلام ناشئة لا يُرجى منها فوضى؟ وتغض الطرف عن أنابيب حبر لاسع قد يقلب طاولة قصر الحكومة؟
القضية ظاهرة للعيان.. ولولا أن في سند كثيرين من أولئك الكتاب رجال من النظام نفسه يضمنون لهم هامش التغريد فوق السرب (أو لنقل القطيع)، لما استطاعت جريدة واحدة إيصال سطر لهم.. فحرية التعبير نسبية وتقديس كاتب دون غيره ظرفية، والفكرة قرينة المبدأ قد يخلّها تسييس البيان وإضمار المعنى.
بقلم / معمر عيساني