اضرب بيد من حديد.. أنت منا يا جيش الفقراء

ردّ علي أحد ضباط الصف حينما أخبرته أن الجماعة المسلحة التي استهدفت الجنود الجزائريين في كمين "عين الدفلى" وصفتهم بالوثنيين، فقال: هم جبناء لا يعرفون إلا قتل أبناء الفقراء في الجيش، لماذا لا يصلون إلى الجنرالات والرؤوس الكبيرة؟؟ حقا فالجماعات المسلحة في الجزائر ليست بذلك النضج الذي يجعلنا نعتقد بأن لها فكرا ومنهجا وقضية تسعى لها.. وضمن اختلاط العمل الجهادي بالإرهاب، ندفع كلفتَه حياة أبنائنا المشتغلين في الجيش سواء كانوا جنودا أو ضباط صف أو حتى ضباطا سامين..

أعتقد أن المؤسسة العسكرية في الجزائر تأخذ قداستها من طبيعة التركيبة التي تجعل من أبناء الفقراء موئلا لها، خاصة في صنف الجنود وصف الضباط.. ما يجعل البدلة الخضراء رمزا للانتماء الحقيقي لهذا الوطن. وبعيدا عن التجاذبات السياسية والمغالطات التاريخية والحسابات الجهوية، يقف الجيش سدّا منيعا أمام جميع محاولات الإطاحة بالبلاد في مستنقع الدماء والعودة بها إلى سنوات التسعينات أين كان أفراد التعبئة يغامرون بأرواحهم من أجل تمشيط الجبال والغابات والبحث عن الإرهابيين.

كمين "عين الدفلى" يوم العيد، لم يكن لينجح لولا التراخي الأمني الذي أصاب بعض وحدات الجيش بعد تراجع العمليات الإجرامية، فرغم ما يوصف به جيشنا من احترافية أو لنقل "صرامة" تفوق جيوش إفريقيا والعرب إلا أننا نحتاج المزيد من التأهيل لأفراده، خاصة ما يتعلق بالتقنية والتدريب "الواقعي" لا "الافتراضي النظري". فالجندي الذي ينهكه ضباطه في نزع "الحشيش" و"الكرفي" الأفضل له أن يستثمر تلك الأوقات في تعلم المزيد من استعمال الأسلحة وطرائق المواجهة والتأقلم مع "حرب العصابات" التي أنهت ما كان يعرف "بحروب الجيوش النظامية".
كما أن الزج بالجيش وحيدا في مواجهة الإرهاب إجحاف له وإهمال لأدوار أخرى لا تقل أهمية عن الدور العسكري، وذلك من خلال التضييق الاجتماعي على انتشار التجنيد في مثل تلك الجماعات، بتوفير فرص العمل للشباب، وتفعيل نشاط المساجد في محاربة التطرف الديني، وفتح الباب للممارسة السياسية النزيهة ضمن عدالة اجتماعية لا تقصي أحدا.

عملية "عين الدفلى"وشهداؤها التسعة  لا يعني نسيان أرواح كل أولئك الجنود الذين سقطوا فداءً للوطن منذ ذهاب "الشاذلي بن جديد"، لا يعني التساهل مع هذه الجماعات الدموية التي لم ولن ترحم أحدا مادام أفرادها من مجانين فاقدين لأي مبدأ وضمير.. برأيي نحن في حاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى للوقوف جنبا إلى جنب رفقة إخواننا في الجيش لمجابهة عودة الإرهاب التدريجي، خاصة وأننا ضمن ظرف إقليمي أوقع كثيرا من الدول في أتون من الإرهاب، فإن كنا تجاوزنا تسعينات "الجيا" ونظيراتها، فلن نفلح في الخروج من مواجهات "داعش" ومشتقاتها اللقيطة لو سقطنا بها الآن.

بقلم / معمر عيساني.


اقرأ أيضا:

التسوّل والوطنية

لاجئ سوري يُهين الجزائريين

الشعب في خدمة الشرطة

لننعطف يسار الانتخابات..

جنازة فهمي بوعريشة زادت في فهمي للواقع

عائلات الشهداء في الجزائر تدفع ضريبة الوطنية في زمن الحرية!

عندما يُغادر بوتفليقة قصر المُرادية

تعليقات

  1. غير معرف25/7/15

    مؤسسات الدولة ستنجح إن رغبت بذلك ولكن صراع الأجنحة في قاعدة الهرم أفقدها استراتيجية التعامل في حالات مماثلة أو لحاجة في نفس يعقوب قضاها

    ردحذف
    الردود
    1. هذه الصراعات سببها مصلحيّ تبزنيسي.. فاللصوص كثيرون ويعيقون سلامة البلاد والعباد من كافة النواحي.

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة