بعد البكالوريا: لا داعي لقول الحق، لا داعي للإصلاح!

لازلنا بعيدين جدا عن جذوة العلم التي اقتبس منها الأوائل مسار حاضرهم وآفاق مستقبلهم على أصالة الموروث، لازلنا شبه أرقام لتحصيل "مجازيّ" لحقيقة المعرفة، فأن نصل لمجتمع لا يعي من امتحان "البكالوريا" إلا تحقيق النجاح بشتى سبل الغش والتدليس وبيع المبدئ، فهذا يعني استمرارية شَبَح التخلّف وإيغاله في وجدان كل جزائري.

إشاعات تتناسل الرعب في قلوب المُمتحَنين وسعي دؤوب لإيجاد أيسر المهور لعقد قران الوصول لجامعة في أصلها مجرد هشيم تذروه الرياح.. وإن تعددت طرق الغش فشِرعته واحدة تضرب في كينونة دولة لم يبق من مصداقيتها إلا "دورات المياه" التي لم تسلم حتى هي من أكوام تلك القصاصات المثقلة بالملخصات المتضمنة تأكيدا ألفاظ جلالة ونصوص شرعية بلسان عربي مبين وفي أقذر الأماكن!
لا داعي مرة أخرى لنشر صور نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، لا داعي لتشنيع إلحاد "بوجدرة" ولا لاستنكار رغبة "عمارة بن يونس" في تحرير تجارة الخمور.. لا داعي لكل تلك البلبلات مادمنا نرى الغش "حقا" وضرورة للنجاح في مسارنا الدراسي.
لا داعي للشكوى من أخطاء الأطباء وتقليد قطع غيار سيارات تأخذنا بأسرع ما يكون إلى حوزة المقابر، لا داعي لانتقاد الكمّ الهائل من اللعب بمركبات أغذيتنا الصناعية، لا داعي لتمعّر الوجه من الغش في مواد البناء وهشاشة كل منظومتنا الاجتماعية.
لا داعي للخروج إلى الشارع والاحتجاج على تزوير الانتخابات ولا داعي للتشكيك في أرقام الإحصائيات ومداخيل النفط وحتى درجات الحرارة اليومية ونتائج مباريات كرة القدم.
لا داعي لكل هذا وغير هذا ما دمنا قد بنينا جيلنا على لبنات "الفساد" وتطعيم أذهان أبنائنا بشطارة من يحقق ذاته بهتانا ويفوق نظراءه وَهْمًا ودجَلًا... نعم لدينا قابلية الاستعمار وقابلية الإذلال والاستكانة وقابلية المخادعة والغش..
من غشنا فهو منا جزائري.. تحق فيه كل تضاريس واقعه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والرياضي وحتى النفسي بكل سوءاته وقتامة ما ينتجه من خواء وفناء.. حقا معجزة أن نستمر لحد الساعة رغم كل هذا البلاء!
بقلم / معمر عيساني.

اقرأ أيضا:

الراسبون أوفر حظا من أصحاب الشهادات!

اقتلوا الأساتذة واستحيوا نساءهم

التوظيف في الجزائر: أشياءُ إن تُـبْدَ لكم.. تسُؤْكُم؟

لا تقلق.. فأنت ستنجح في شهادة البكالوريا!

الجزائريون يضربون عن "الجهل"!!


تعليقات

الأكثر قراءة