عمارة بن يونس: ربحت العيب!

          نوع من "الاطمئنان" تملّك الأنفس، استحضار قوي لحالة الانتماء الإسلامي، نفير وإعلان حرب على رغبة وزير التجارة الجزائري "عمارة بن يونس" في تحرير تجارة الخمور وجعلها سهلا ميسرا لمن شاء.. أيام ويأتي الوزير الأول "عبد المالك سلال" ليفصل في القضية ويوقف المشروع، وينهي اللغط حول الخمور في بلاد معدودة ضمن الحاضرة الإسلامية.. ثم ماذا؟ ثم: "عَرضَة في الشيراتون بالويسكي"...

في البدء لم يكن من اللائق وجود كائن مثل "بن يونس" في منصب "وزير"، رجل يَسُب ويلعن آباء الجزائريين لا عهد له بالوطنية.. لأنه بطريقة أو بأخرى شتم المجاهدين والشهداء الذين أتوا برغد البلاد لمثله من أبناء العبث، كما أنه بلا عهد إذ انقلب على عقبيه ونكص من بعد أن كان مع أقوى تيارات المعارضة، ليصبح في نهاية المطاف بوقا كبيرا للعهدة الرابعة واليوم لترويج الخمر.
هذه الخَمرة التي لا مراء في حرمتها بالنسبة للمسلمين، تمثّل الشراب الأول للجزائريين، مفخرة اللقاءات الحميمية والرفيعة وصورة لذوي النفوذ والرفعة في المجتمع وأعلى درجات الفرح والنشوة.. تذكرون جيدا تهافت المواطنين على جمع القارورات المبعثرة بعد حادث المرور الذي أدى إلى انقلاب إحدى الشاحنات المحمّلة بعبوات "أم الخبائث".. صور مقززة تتجلى من خلالها الفجوة الحاصلة بين انتماء هذا الشعب وواقعه.
التقارير التي أكدت طليعة الجزائر في استهلاك الكحول مقارنة بدول العالم غير كاذبة.. الخمر يشترك فيه الأغنياء والفقراء في هذا البلد، منذ صغري امتلأت عيوني بـ"كانيطات" الهينكن والويسكي على جانب الطريق، جلسات ماجنة للخمر يحضرها المراهق قبل الكبير بل إنك ستجد ما دون الخامسة عشر مترصدا لها كل حين.. والأدهى والأمر أن تعاطي الخمر ليس حكرا على سقط المتاع ممن لا حظ له في العلم والثقافة، بل حتى أولئك الذين يُحسَبُون ضمن "قطيع" النخبة يتفاخرون فيما بينهم بسكراتهم ودناءتهم..
للخمر سطوة على مجتمعنا، فشاربها مكتمل "الرجولة"، وهي تحمي من السحر في نظر طائفة من "المتدينين"، كما أنها الخلاص من المشكلات، وتجارة لا تبور.. فلا غرابة إذن في إقدام "وزير" على تحرير تجارته وجعله مثل الكوكاكولا وحمود بوعلام.
السّكارى في الجزائر ليسوا حمقى لينتظروا الإذن من "عمارة بن يونس" حتى يملؤوها الثمالة، وأرباب تجارة الخمر أقوى من كل تلك المراسيم الوزارية التافهة حتى يغيروا أنشطتهم، فهم في الأصل منظمون جدا ويعرفون تمام المعرفة سُوقهم وأرباحهم.. للأسف من جديد ربح هذا الرجل "العيب" مع الرأي العام، وأكدّ أن السياسيين لدينا لازالوا هواة لا يدركون الاحترافية في الأخذ بأعناق الناس حيث يشاؤون.. ولكن ما يسوؤني أنهم رغم ضحالة قدراتهم السياسية إلا أنهم باقون في مناصبهم متحكمون بزمام الأمر لا لشيء إلا لحمق الرعية وجهالتها.

تعليقات

  1. غير معرف24/4/15

    شكرا على المقال أخي معمر، وعلى التطرق إلى هذا الموضوع، أردت أن أزيد على تحليلك رأيي المتوااضع هو أن عمارة بن يونس ربح العيب منذ زمان، منذ أن لعن آباءنا، وأصلا دوره في لعبة النظام هو أن يربح العيب، وهذه الكارثة التي نطق بها جعلتنا لا نستهجنها كثيرا فهو يملك سوابق، كذلك فالنظام يلعب مع الشعب لعبة فحواها اصدار قرارات مثيرة للجدل ومسح الموس في الوزراء، وبعدها يتدخل البطل بوتفليقة ليقطع كلام كل خطيب، وليضيع الوقت حتى انتهاء العهدة بسلام، إنهم يصرفون أنظارنا عن نقدهم في الأساسيات، لننتقد فقط ما يريدوننا هم أن ننتقده، وكام قلت أخي ما يحز في النفس حمق الرعية وجهالتها. شكرا..

    ردحذف
    الردود
    1. تماما نظرة صائبة هي محاولات لكسب الوقت ولامتصاص وعي بعض الفئات، ولنصل في النهاية إلى "شخصيات بطلة" كما فعل "سلال" حين إيقافه للمشروع، وما يسوء في النهاية أن الشعب ذاته راض وله قابلية الاستحمار بشكل مريع :(

      حذف
    2. غير معرف24/4/15

      تماما أخي هذا ما يفعلونه بنا، وبالمناسبة وصل مسامعي في هذه اللحظة عاصمة الثقافة العربية، هههههه ، ليتعكر المزاج أكثر هههههه

      حذف
    3. عن أي ثقافة وأي عاصمة يتكلمون.. فقط هي فرصة لنفخ الفواتير وسرقة المزيد من المال العام... الثقافة في هذه البلاد منصة للسرقة وتقديم الشخصيات الفارغة.

      حذف
    4. غير معرف24/4/15

      للأسف نعم، منصة لنهب المال العام، إنها مهزلة، أولها اختفاء التمثال ولا نعلم آخرها ما سيكون !!!!!! ننتظر بشغف مفاجآت السيد المهرج....

      حذف
    5. العرض القادم: اختفاء كل البلاد :/ والشعب يتفرج ويصفق طبعا.

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة