شاهد ماذا يتعلم أبناء الجزائر في المدارس

يبدو أن المدرسة الجزائرية ستبقى في هُزال دائم ليس له شفاء، فراغ مرجعي وضبابية في الرؤية المستقبلية، مناهج دون قاعدة دينية ولا علمية، وتكوين وهمي لرجال أهمّ قطاع في البلاد، التعليم في الجزائر موبوء بم أصاب غيره من القطاعات، لكن أسوء ما في المشهد، أن تلك القطاعات تنتظر المدَد والإصلاح من خريجي المدرسة الوطنية، فأي فرج ننتظر والقادم أسوء.

مرجعيات الكتب المدرسية عن شبكة الإنترنت
من خلال تجربتي في تدريس اللغة العربية في الطور المتوسط، وقفت على عدة أخطاء ومخالفات ضمن الكتاب المدرسي المعتمد منذ حوالي ثماني سنوات، وأول ما أثارني إدراج نصوص لغوية مأخوذة عن شبكة الإنترنت، دون الاجتهاد في أخذها عن أمهات الكتب العربية القديمة والحديثة التي تثقل رفوف المكتبات وعقول الكتاب! ما يجعل مرجعية كثير من النصوص "وهمية" فنحن لا نعرف من نشر ذلك المقال وبأي خلفية أودعه الشبكة العنكبوتية.
المرأة الجزائرية بمظهر لا يمت بصلة للعادات والتقاليد
مفهوم الشباب عند واضعي الكتب المدرسية في الجزائر هو: العبث والاختلاط
في أحد النصوص المتحدثة عن الأمومة في كتاب السنة الأولى متوسط الصفحة 208، ترى صورة الأمّ رفقة أبنائها، ولكن المرأة المرسومة تلبس طرازا أوربيا لا يمتّ بصلة للتراث الإسلامي الجزائري، وإنما يظهرها متبرجة لتمرير تبعية فرانكفونية فاضحة لأذهان التلاميذ، أما في كتاب السنة الثالثة الصفحة 111 وفي نص يرصد دور الشباب في نهضة الأمة، تجد صورة شلة من الشباب، بنات وأولاد ما يحرّض التلاميذ على الاختلاط والنضوج بهذه الفكرة الهدّامة.
السخرية بالأستاذ
الاستهزاء بالمُعلم الذي كان من المفروض أن يكون رمزا مقدسا يتجلى في نصين، أولهما كتاب السنة الأولى الصفحة 193 في نص "الخروف الهارب"، حيث يروي قصة شراء أحد الأساتذة خروف العيد الذي هرب منه وراح ذلك الأستاذ في عبارات جد مستهزئة يجري خلفه ليمسكه، ـ والصورة تظهر مقتطفات من النص ـ.
الأستاذ والتلميذ في صورة حمار
أما النص الثاني "لوكيوس يتحول" في الصفحة 130 من كتاب السنة الثالثة أكد على تعمد واضعي هذه المناهج والمقررات إذلال الأستاذ وسط تلاميذه، بل وابتذال الجو العام للقسم، من خلال مقطع رواية أجنبية يتحدث عن وضع البطل لمرهم على جسمه وهو عارٍ فيصبح حمارا، ولكن المشكل ليس هنا، بل إن العبارات المتلاحقة تجسد التحوّل التدريجي بضمير المتكلم، وكأن الأستاذ ومن بعد التلاميذ الذين سيقرؤون هم من أصبح حمارا، نسأل هنا: هل الروايات العالمية والعربية قليلة حتى اضطررنا لوضع هذه الرواية، بل إن الرواية طويلة بطبيعتها، فلماذا تمّ وضع هذا المقطع منها بالضبط؟؟ بالمناسبة كلما درست هذا النص، قرأته أنا وسائر التلاميذ بصيغة الغائب منبها على سوء ما حِيك بين جنباته.
هذه نسخة مصححة سبقتها نسخ تهين سيرة الأمير عبد القادر
وأكثر الأخطاء التي أزعجتني، وضعهم لعبارة "سهّل له الفرنسيون الهروب من الجزائر" وليس "الخروج" في بعض طبعات كتاب السنة الأولى في نص "الأمير عبد القادر" الصفحة 121، وكأنهم لا يريدون لأجيالنا الاعتقاد بوجود أبطال في تاريخنا القديم.
لابد أن ملاحظاتي تبقى محدودة في هذا الميدان، كوني حديث عهد بالتعليم، كما أنها ستكون أشمل بالنظر إلى بقية المواد التي تُدرّس في مختلف الأطوار التعليمية، لكننا ننبه إلى ضرورة مراجعة الكثير من الحشو الموجود في كتب أبنائنا الذين ينتظرون منا بثقة عمياء أن نأخذ بأيديهم إلى جوّ من العلم والأصالة المرجعية، تجعل لهم وجودا حقيقيا ممتدا عبر الزمان والمكان، لا مجرد كائنات حية مرّت من هنا ذات وهم.
بقلم / معمر عيساني.

اقرأ أيضا:

الشعب في خدمة الشرطة

في الجزائر: لاعب كرة القدم أهم من الأستاذ

غرداية الآن

المتقاعدون أرحم من جيل التغيير!

لماذا لا تتحرك الدولة حتى يُحركها الشعب؟

ما العلاقة بين الانتخابات المحلية والمجاري المائية؟؟

الثلوج وقارورة الغاز والانتخابات وهموم أخرى

ذكرى الفاتح نوفمبر... شكرا فرنسا!



تعليقات

  1. غير معرف9/2/15

    على الأستاذ أن يتفطن ... ويعرف أي درس يتوجب عليه تغيره ... كنت أحسب أنني الوحيد الذي اعتقد أن هناك خلل في وضع النصوص... وكذا في المدرسة الابتدائية ففي عامين صادفت أكثر من 15 كارثة لغوية إن صح التعبير .. شكرا على تنبيهاتك

    ردحذف
    الردود
    1. هي وقفة محدودة على ما يُتداول في مناهج التربية في الجزائر.. ومن المؤد أن كل أستاذ في أي مرحلة تعليمية أو مادة له الكثير من الملاحظات حول الأخطاء المرتكبة في حق الأجيال الناشئة.

      حذف

إرسال تعليق

رأيك يهمني..
تفضل الآن، واكتبه لينشر مباشرة دون تسجيل أو انتظار..
فهذه مساحتك الحرة للتعبير عنه..

الأكثر قراءة