هل تُصلح سكنات عدل ما أفسده ظلم بارونات العقار؟

          انتهت فترة تسجيلات "عدل" في الجزائر.. وتأكدنا من سذاجة الشعب في هذا البلد.. أكثر من 700ألف مسجل وملايين آخرين حاولوا الاكتتاب في الموقع الإلكتروني الذي خصص لذلك، لكنهم لم يتمكنوا لثقل النت والموقع ذاته.. الجدير بالذكر أن الكوطة المنتظر إنجازها من السكنات لن تكفي ولن تحل مشكل السكن في الجزائر، والأهم أن الذين سجلوا سنة الـ2001 والـ2002 لم يحصلوا على سكناتهم لحد الآن..


قد يكون الانتظار مُسَكّن ألم المحتاجين لسقف يحميهم وجدار يسترهم، وبطول المدة ستتفاقم المشاكل أكثر فأكثر.. تأخر في سن الزواج، تفكك أسري، تسرب مدرسي، آفات اجتماعية، هجرة غير شرعية، ورؤية ضبابية أمام كل مواطن لم يستقر في سكنه بعد.. فتحقيق تغطية عمرانية لسائر المواطنين كفيل برسم صورة واضحة لحياتهم، وأمنهم الأسري والاجتماعي.
العقار في الجزائر أصبح لمن استطاع إليه سبيلا.. أسعار مرتفعة جدا.. تولدت نتيجة المضاربات الفئوية، وسوء توزيع السكنات من طرف الدولة، إذ أن الذي يتحصل على سكن كل سنة أو سنتين، سيكون مستعدا للمتاجرة فيما يملك بعيدا عن تفعيل قوانين المراقبة التي كان من المفترض أن تسحب أي سكن ممن تصرف به تجاريا.. وأمام هذا الغياب الإداري وتسببه في المشكل ارتفعت أسعار السكنات خاصة بعد مضيّ عشرية الإرهاب، واستقرار البلاد، وضخ الملايير في "السوسيال" و"الريفي" و"الترقوي".. ما أوصلنا لوفرة في البنايات وعجز في الإسكان!
إضافة لهذا، ساهم الأثرياء الجدد في البلاد ممن استفادوا من الفساد والنهب الممنهج للمال العام في تعفن الوضع، فتبييض الأموال يُفسر ملايين السكنات الفارغة، والفيلات التي تُخصص لعطلة الصيف فقط وحتى تحوّل بعض البيوت لأوكار رذيلة موسمية.. وهنا ارتفعت أسعار الإيجار طبعا.. فمن لم يملك بيتا ويود فسحة عيش في هذا الوطن لن يجد بديلا عن كراء بيت، لعله يكون نوعا من خداع الذات بضياع الحق واستحالة الحصول على سكن خاص.
لو رفعت الدولة يدها عن قطاع السكن، وبدل إنفاق الملايين في بناء السكنات التي لا يستفيد منها إلا أصحاب "المير" والرشاوى، لكان الوضع أحسن حالا بمئات المرات، فدعم القدرة الشرائية بتلك الأموال المهدرة، وتحقيق العدالة الاجتماعية برفع أجور الموظفين لِحد يكفل شراء سكن، يجعل الحل في يد المواطن وليس بيد السماسرة الأنذال الذين يجعلون من المحتاجين رهائن مزاجهم البيروقراطي.
كما سيكون لمنح المواطنين مبالغ بالتقسيط دون فوائد لشراء أو بناء سكن انطلاقا من أجورهم المرتفعة أصلا كما طالبنا في الفقرة السابقة، أثر في الحد من المشكل.. هنا ليست نفس فكرة "عدل" بل هي متاحة للكل حتى ولو كان للموظف سكن لائق، يستطيع إضافة سكن آخر له.. مادام أنه لن يكون سببا في منع آخرين من الحصول على حقوقهم، فالجميع يتمتع بنفس الأجر والمنحة التي تؤهله لإنهاء مشاكله المعيشية..
الحلول موجودة ومتنوعة، سواء أ فكرنا بها أم لم نفكر.. فقط نحتاج لإرادة صادقة وعزيمة قوية لنشر العدالة الاجتماعية والمساواة بين أفراد المجتمع الواحد.. فالإسكان من أهم شروط الاستقرار والتنمية، والمواطن الذي يضمن سكنه في بلده سيكون أكثر انتماءً له من الذي يحتاج لغرفة نوم، ويرى سكنات بطابقين لحفظ "التبن" وتربية الأبقار والأغنام.
بقلم / معمر عيساني.

تعليقات

الأكثر قراءة