هل اشتريتم أضحية العيد؟

           ساعات وتـُسفك دماء الأضاحي بساحات شوارعنا، وتتصاعد أبخرة الفحم الحار والشواء بأعالي بناياتنا.. وقبلها كان للصغار ولع "ببعبعات" الكباش واحتكاك بأصوافها وقرونها، وللذكرى صور تحمل الكثير من المسرات بيوم الأضحى.. ولكن في خضم التقليد تضيع مضامين العبادة وروحها.. فبين حاجة المواطن لأساسيات العيش وعجزه المادي، يجد غيرَه يتباهى بابتياع كباش تصل أثمانها لسبعة ملايين وأكثر.. وللموسم طقوس أخرى لدى عامة الناس..

تتوافق عبادة الحج بمكة المكرمة باحتفال الباقين في أوطانهم بذكرى افتداء إسماعيل النبي بذِبح عظيم كان تمام اختبار المولى عز وجل لخليله إبراهيم عليه السلام.. ويرافق هذا الموعد سنن عديدة تزيد في قدسية المناسبة وترفع من همم المؤمنين التقاة.. وكان لنحر الأضاحي في العاشر من ذي الحجة مزية الصفاء والتخلي عن شوائب الدنيا وبُخل الذات والتحلي بروح التضحية والاقتداء بأبينا إبراهيم وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام.
ومع مرور الأجيال وتغير المفاهيم والعقليات خاصة في مجتمعنا الجزائري، أصبح للمناسبة نكهة أخرى لا تحمل في طياتها إلا مظاهر الرياء والافتخار بجسامة الأضحية، وما سيرافقها من صياح ومن بعدها روائح للشواء وعرضات لا تبقي ولا تذر.. ما ترتب على ذلك مضاربات وارتفاع جنوني في أسعار المواشي، جعل من اقتنائها ترفا للأغنياء، وعبئا للمغلوب على أمرهم.
7 ملايين وأكثر.. احتكار للسوق، غلاء في الأعلاف، وتدنّي في القدرة الشرائية للمواطن البسيط.. ورغبة مُلحة لإدخال سرور العيد للبيت، وربما نية صادقة في الاقتداء بسنة حبيبنا الرسول صلى الله عليه وسلم.. ولكن واقع الحال يشي بمرارة يوميات الكادحين الذين لا يجرؤون حتى على الاقتراب من واجهات محلات بيع اللحوم، فكيف بهم يفكرون في نحر كبش بشحمه ولحمه؟؟
بقلم / معمر عساني.

تعليقات

الأكثر قراءة